قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ مِنْ قَوْلِهِ إجماع لا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ أَنَّ الْجَنِينَ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ حَتَّى يُزَايِلَ بَطْنَ أُمِّهِ وَأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ وَهُوَ فِي جَوْفِهَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي حُكْمِهَا مِنْ دِيَةٍ أَوْ قِصَاصٍ
وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ مَنْ ضَرْبِ بَطْنِ أُمِّهِ أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ كَامِلَةً مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِقَسَامَةٍ وَهُوَ مَالِكٌ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُوجِبُ فِيهِ قَسَامَةً وَهُوَ الْكُوفِيُّ وَعَلَى ضَارِبِ بَطْنِ أُمِّهِ مَعَ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ
هَذَا كله لم يختلف فيه
واختلوا فِي الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْغُرَّةُ دُونَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ
فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْغُرَّةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْجَانِي مَعَ الْكَفَّارَةِ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ وَعَطَاءٌ وَالْحَكَمُ
وَالْكَفَّارَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ
وَاسْتَحْسَنَ مَالِكٌ الْكَفَّارَةَ هُنَا وَلَمْ يُوجِبْهَا لِأَنَّهُ قَالَ مَرَّةً فِي مَنْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا هُوَ عَمْدٌ فِي الْجَنِينِ خَطَأٌ فِي الْأُمِّ وَمَرَّةً قَالَ هُوَ عَمْدٌ فِي الْأُمِّ خَطَأٌ فِي الجنين
قال مالك ولا حياة للجني إِلَّا بِالِاسْتِهْلَالِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَاسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَعْلَمْتُكَ بِإِجْمَاعِهِمْ فِي الْجَنِينِ تُلْقِيهِ أُمُّهُ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ
وَأَمَّا عَلَامَةُ حَيَاتِهِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ فِيهِ
فَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَا تُعْلَمُ حَيَاتُهُ إِلَّا بِالِاسْتِهْلَالِ وَهُوَ الصِّيَاحُ أَوِ الْبِكَاءُ الْمَسْمُوعُ وَأَمَّا حَرَكَةٌ أَوْ عُطَاسٌ فَلَا
وهو قول جماعة منهم بن عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَقَتَادَةُ
ذَكَرَ وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال استهلاله صياحه
وقاله إبراهيم وغيره