وَاخْتَلَفُوا فِي جَنِينِ الْأَمَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا
فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا إِلَى أَنَّ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ عُشْرَ قِيمَةِ أُمِّهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى
قَالَ الشَّافِعِيُّ يَوْمَ جُنِيَ عَلَيْهَا
قَالَ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ يَعْنِي عُشْرَ قِيمَةِ أُمِّهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ذِكْرٍ أَوْ أُنْثَى
قَالَ الْمُزَنِيُّ الْقِيَاسُ عَلَى أَصْلِهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ يَوْمَ تُلْقِيهِ وَاحْتَجَّ بِذَلِكَ لِمَسَائِلَ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ لَا أَعْرِفُ أَنْ يُدْفَعَ عَنِ الْغُرَّةِ قِيمَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لِمَوْضِعٍ لَا تُوجَدُ فِيهِ
قَالَ الْمُزَنِيُّ أَصْلُهُ فِي الدِّيَةِ الْإِبِلُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهَا فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَقِيمَتُهَا
وَكَذَلِكَ الْغُرَّةُ إِذَا لَمْ تُوجَدْ فَقِيمَتُهَا قَالَ وَإِنَّمَا قُلْتُ أَنْ لَا يَقْبَلَهَا دُونَ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِي سِنِينَ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَغْنِي بِنَفْسِهَا دُونَ هَذَا السِّنِّ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا إِلَّا فِي حَدٍّ أَسَنَّ وَأَعْلَى
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ خَرَجَ جَنِينُ الْأَمَةِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ قِيمَتُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ
قَالَ وَإِنْ خَرَجَ مَيِّتًا فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا كَانَ فِيهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا وَإِنْ كانت أُنْثَى كَانَ فِيهَا عُشْرُ قِيمَتِهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَمْ يَجِدْ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا
قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ
وَرَوَى أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ إِذَا أَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَأَنْقَصَ أُمَّهُ كَمَا يَكُونُ فِي أَجِنَّةِ الْبَهَائِمِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي تَفْرِقَتِهِمْ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي الْجَنِينِ تَطْرَحُهُ أُمُّهُ مَيِّتًا فَأَحْسَنَ ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ قَالَ سُفْيَانُ نَحْنُ نَقُولُ إِنْ كَانَ غُلَامًا فَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَعُشْرُ قِيمَتِهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ