وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ فِي ثَدْيِ الْمَرْأَةِ الدِّيَةَ كَامِلَةً فَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ وَالْفُقَهَاءُ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَأَتْبَاعُهُمْ وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ فِي ثَدْيِ الْمَرْأَةِ دِيَتُهَا وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَتِهَا وَفِي حَلَمَتَيْهَا دِيَتُهَا كَامِلَةً لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ الرَّضَاعُ إِلَّا بِهِمَا وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ تَابِعِي الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالْكُوفَةِ إِلَّا فِي الْحَلَمَتَيْنِ فَإِنَّهُ رُوِيَ فِيهِمَا عَنْ زَيْدٍ وَغَيْرِهِ أَشْيَاءُ مُضْطَرِبَةٌ
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي ثَدْيِ الْمَرْأَةِ شَيْءٌ لَا يَصِحُّ عَنْهُ خِلَافُ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ
وَرَوَى مَعْنُ بن عيسى عن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ثَديْيِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ فِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي ثَدْيِ الْمَرْأَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِذَا أُصِيبَ بَعْضُهُ فَفِيهِ حُكُومَةُ الْعَدْلِ الْمُجْتَهِدِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَخَفُّ ذَلِكَ عِنْدِي الْحَاجِبَانِ وَثَدْيَا الرَّجُلِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ فِي الْحَاجِبَيْنِ حُكُومَةً وَكَذَلِكَ فِي ثَدْيِ الرَّجُلِ حُكُومَةٌ وَفِي جُفُونِ الْعَيْنَيْنِ حُكُومَةٌ وَفِي أَشْفَارِهَا حُكُومَةٌ وَفِي شَعَرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ إِذَا حُلِقَا وَلَمْ يَنْبُتْ حكومة
وقال بن الْقَاسِمِ لَا قِصَاصَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا اللِّحْيَةِ وَفِيهِمَا الْأَدَبُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي شَعَرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَأَهْدَابِ الْعَيْنَيْنِ حُكُومَةٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْحَاجِبَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي إِحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُ الدِّيَةِ
قَالَ أَبُو عمر روي عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ مَا كَانَ فِي الْأُنْثَيَيْنِ في الإنسان ففيهما الدِّيَةُ وَفِي كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَشُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ فِي الْحَاجِبَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ وَجْهٍ لَا يَثْبُتُ فِي اللِّحْيَةِ إِذَا حُلِقَتْ وَلَمْ تَنْبُتْ الدِّيَةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الدِّيَةُ لَا تَصِحُّ وَلَا تَثْبُتُ فِي عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ وَلَا فِي النَّفْسِ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ مِمَّنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ