وَقَدِ احْتَجَّ قَائِلُوا هَذَا الْقَوْلِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِهِ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ فِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ
ولم يخص أعور من غير أعور وبإجماع عَلَى أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مَقْطُوعِ الْيَدِ خَطَأً أَوْ رِجْلَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا دِيَةُ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ أَوْ يَدٍ وَاحِدَةٍ
قَالَ بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ ذَاهِبَ السَّمْعِ مِنْ إِحْدَى أُذُنَيْهِ فَضَرَبَ إِنْسَانٌ الْأُذُنَ الْأُخْرَى فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ
قَالَ وَكَذَلِكَ الرِّجْلَيْنِ وَالْيَدَيْنِ إِذَا قَطَعَ إِنْسَانٌ الثَّانِيَةَ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ
قال بن الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دُونَ غَيْرِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُجْمِعُوا فِي الْيَدِ لِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ إِذَا أصيبت يَدُ رَجُلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أَصَابَ رَجُلٌ الْأُخْرَى فَفِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً
قَالَ وَإِنْ كَانَ أَخَذَ لَهَا دِيَتَهَا فَفِي الْأُخْرَى نِصْفُ الدِّيَةِ
قَالَ وَكَذَلِكَ عَيْنُ الْأَعْوَرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْجَانِيَ إِلَّا جِنَايَتُهُ لَا جِنَايَةُ غَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ ذَلَكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْأَعْوَرُ لِعَيْنِهِ دِيَةً أَوْ لَا يَأْخُذَ
وَكَذَلِكَ الْيَدُ لِإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي فِعْلِ الْإِنْسَانِ فِعْلُ غَيْرُهُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَدِ خَمْسُونَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الِاتِّبَاعِ لِعُمَرَ وَعُثْمَانَ وبن عُمَرَ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْسَنُ مَا رُوِيَ فِيمَنْ ضَرَبَ عَيْنَ غَيْرِهِ فَذَهَبَ بَعْضُ بَصَرِهِ عَمْدًا وَبَقِيَ بَعْضُ مَا رَوَاهُ سنيد قال حدثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ عَيْنَ رَجُلٍ فَذَهَبَ بَعْضُ بَصَرِهِ وَبَقِي بَعْضُهُ فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَمَرَ بِعَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ فَعُصِبَتْ وَأَعْطَى رَجُلٌ بَيْضَةً فَانْطَلَقَ بِهَا وَهُوَ يَنْظُرُ حَتَّى انْتَهَى بَصَرُهُ فَأَمَرَ عَلِيٌّ فَخَطَّ عِنْدَ ذَلِكَ خَطًّا عَلَمًا ثُمَّ أَمَرَ بِعَيْنِهِ الْأُخْرَى فَعُصِبَتْ وَفُتِحَتِ الصَّحِيحَةُ وَأَعْطَى رَجُلٌ بَيْضَةً فَانْطَلَقَ بِهَا وَهُوَ يَنْظُرُ حَتَّى انْتَهَى بَصَرُهُ ثُمَّ خَطَّ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَمًا وَعَرَفَ مَا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ مِنَ الْمَسَافَةِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَحُوِّلَ إِلَى مَكَانٍ وَفَعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَاسَ فَوَجَدَ مِثْلَ ذَلِكَ سَوَاءً فَأَعْطَاهُ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ بَصَرِهِ مِنْ مَالِ الْجَانِي عَلَيْهِ