للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَمَا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ فَلَا وِزْرَ فِيهِ وَكَأَنَّهُ مَخْصُوصٌ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الْأَنْعَامِ ١٦٤

(وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا) الْأَنْعَامِ ١٦٤ بِمَا خصه الله تعالى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُطَلُّ دَمُ الْحُرِّ تَعْظِيمًا لِلدِّمَاءِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فَجَعَلَهُ فِي الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي رَجُلٌ مِنْهُمْ كَأَحَدِهِمْ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَبْلَغِ مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنْ دِيَاتِ الْجِرَاحَاتِ فِي الْآدَمِيِّينَ

وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ جِنَايَاتِ الْأَمْوَالِ

وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

١٦١٠ - مَالِكٌ عَنْ بن شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ إِلَّا أَنْ يَشَاؤُوا ذَلِكَ

١٦١١ - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد مثل ذلك قال مالك إن بن شِهَابٍ قَالَ مَضَتِ السُّنَّةُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ حِينَ يَعْفُو أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مَالِهِ خَاصَّةً إِلَّا أَنْ تُعِينَهُ الْعَاقِلَةُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا فِي مَعْنًى واحد وهو أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَحْمِلَ شَيْئًا من دية العميد وَالْعَمْدُ لَا دِيَةَ فِيهِ إِنَّمَا فِيهِ الْقَوَدُ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ عَنِ الْقَاتِلِ لِيَأْخُذُوا الدِّيَةَ وَيَصْطَلِحُوا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَعْفُوَ أَحَدُهُمْ مِمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ فَيَرْتَفِعُ الْقَتْلُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَوْ تَكُونُ الْجِنَايَةُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ من الجراح عمدا تبلغ الثلث فصاعدا أو لم يَكُنْ إِلَى الْقِصَاصِ سَبِيلٌ كَالْجَائِفَةِ وَشِبْهِهَا

وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيمَنْ يَحْمِلُهَا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ التَّنَازُعِ فِي ذَلِكَ

وَكَذَلِكَ شِبْهُ الْعَمْدِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ

وَكَذَلِكَ قَتْلُ الْأَبَوَيْنِ وَلَدَهُمَا عَمْدًا

هَذَا كُلُّهُ عَمْدٌ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ وَيَحْمِلُهَا الْجَانِي فِي مَالِهِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ

وَمَا لَمْ نَذْكُرْهُ مِنْ ذَلِكَ يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>