قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِثْلُ شُذُوذِهِ فِي قَوْلِهِ إِنَّ الْجُنُبَ الْمُتَيَمِّمَ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ لَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ
وَهَذَا أَيْضًا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ فِيمَا عَلِمْتُ فَرَحِمَ اللَّهُ الْقَائِلَ كان أبو سلمة يماري بن عَبَّاسٍ فَحُرِمَ بِذَلِكَ عِلْمًا كَثِيرًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ مِنْهَا مَرَاسِيلُ وَمُسْنَدَةٌ أَنَّهُ قَالَ الدية لمن أحرز الميراث والدية سبيلها سبيل الْمِيرَاثُ
اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ وَجَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فَلَا مَعْنَى فِيهِ لِلْإِكْثَارِ
وَقَدْ شَذَّ عَنْهُمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الظَّاهِرِ مَنْ لَمْ يَسْتَحِي مِنْ خِلَافِ جَمَاعَتِهِمْ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِهِمْ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ مَعَهُمْ
وَذَكَرَ مَا رَوَاهُ مُعَلَّى عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا يَرِثُ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأُمِّ وَلَا الزَّوْجُ وَلَا الزَّوْجَةُ مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا
وَهَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ مُنْقَطِعٌ لَا يَصِحُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ والحميدي وبن أبي عمر قالوا حدثني بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ قَدْ ظَلَمَ مَنْ لَمْ يُوَرِّثِ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ مِنَ الدِّيَةِ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ
فَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا قَدْ ظَلَمَ مَنْ مَنَعَ بَنِي الْأُمِّ نَصِيبَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ
وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ الْمَرْأَتَيْنِ الَّتِي قَتَلَتْ إِحْدَاهُمَا صَاحِبَتَهَا أَنَّ مِيرَاثَهَا لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا وَالْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ قَدْ وَرَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ مِنَ الدِّيَةِ
وَقَالَ وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يُوَرِّثُ الْإِخْوَةَ مِنَ الْأُمِّ مِنَ الدِّيَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كثيرا
والآثار في ذلك عَنِ التَّابِعِينَ كَثِيرَةٌ وَفِي مَا أَخْبَرَنَا بِهِ كفاية