للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّكِينَةِ وَتَرْكِ السَّعْيِ وَتَقْرِيبِ الْخُطَا لِأَمْرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ وَهُوَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ السَّلَامُ

وقد قال بعض أصحابنا إن بن عُمَرَ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَيْئَةِ مِشْيَتِهِ الْمَعْهُودَةِ لَأَنَّهُ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ وَيَقُولُ هُوَ أَبْعَدُ مِنَ الزَّهْوِ

وَهَذَا عِنْدِي خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ عَنْهُ لِأَنَّ نَافِعًا مَوْلَاهُ قَدْ عَرَّفَ مَشْيَهُ وَحَالَهُ فِيهِ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ الْإِقَامَةَ أَسْرَعَ الْمَشْيَ وَهَذَا بين

وقد روى بن عُيَيْنَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ قال كان بن عُمَرَ إِذَا مَشَى إِلَى الصَّلَاةِ لَوْ مَشَتْ مَعَهُ نَمْلَةٌ مَا سَبَقَهَا

وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِحَدِيثِ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّهُ أَسْرَعَ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْهُ فِي حَالٍ لَا يَخَافُ فِيهَا أَنْ يَفُوتَ شَيْءٌ مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ وَكَانَتْ أَغْلَبُ أَحْوَالِهِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ ((وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)) عَلَى مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا أَدْرَكَ الْمُصَلِّي مَعَ إِمَامِهِ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ

وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((مَا فَاتَكُمْ فأَتِمُّوا)) وَمَنْ قَالَ ((مَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا))

وَهَذَانَ اللَّفْظَانِ تَأَوَّلَهُمَا الْعُلَمَاءُ فِيمَا يُدْرِكُهُ الْمُصَلِّي مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ هَلْ هُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ أَوْ آخِرُهَا وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ فِيهَا

فَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ - منهم بن الْقَاسِمِ - أَنَّ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَلَكِنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ

وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ

قَالَ بن خواز مَنْدَادَ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُدَ وَالطَّبَرِيِّ

وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ وَهُوَ الذي ذكره بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ عِيسَى عَنِ بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ والثوري والحسن بن حي

هكذا ذكره بن خواز مَنْدَادَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ

وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الَّذِي يَقْضِي أَوَّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>