وَمَا سِوَى ذَلِكَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَلَيْسَ التَّغْلِيظُ عِنْدَهُ إِلَّا فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ خَاصَّةً دُونَ عَدَدِهَا
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَذْهَبُهُ فِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي بَابِ دِيَةِ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ
وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عِنْدَهُ شِبْهُ عَمْدٍ وَبِأَيِّ شَيْءٍ ضَرَبَهُ فَجَرَحَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ فَعَلَيْهِ القصاص إذا أمكن فإن لم يمكن فَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً إِذَا كَانَتْ مِنَ الْإِبِلِ تُسْقِطُ مَا يَجِبُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ شِبْهُ الْعَمْدِ مَا لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ كَاللَّطْمَةِ الْوَاحِدَةِ وَالضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ بِالسَّوْطِ
(قَالَا) وَلَوْ ذَلِكَ حَتَّى صَارَتْ جُمْلَتُهُ مَا يَقْتُلُ كَانَ عَمْدًا وَفِيهِ الْقِصَاصُ بِالسَّيْفِ
قَالَا وَكَذَلِكَ إِذَا عَرَفَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ
وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ إِلَّا أَنَّ الْبَتِّيَّ يَجْعَلُ دِيَةَ شبه العمد في ماله
وقال بن شُبْرُمَةَ مَا كَانَ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ يُبْدَأُ بِمَالِهِ فَيُؤْخَذُ حَتَّى لَا يُتْرَكَ شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ كَانَ مَا بَقِيَ مِنَ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ شِبْهُ الْعَمْدِ مَا كَانَ عَمْدًا فِي الضَّرْبِ خَطَأً فِي الْقَتْلِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَضْرِبَهُ بِعَصًا أَوْ عَمُودٍ خَفِيفٍ أَوْ بِحَجَرٍ لَا يَشْرُخُ مِثْلُهُ أَوْ بِحَدِّ سَيْفٍ لَمْ يَجْرَحْهُ بِهِ وَأَلْقَاهُ فِي نَهْرٍ أَوْ بَحْرٍ قَرِيبٍ مِنَ الْبَرَهِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ مَا الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ مِنْ مِثْلِهِ فَمَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمْ وَمَذَاهِبَهُمْ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ وَفِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي بَابِ دِيَةِ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَقَتْلُ الْعَمْدِ عِنْدَنَا أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَضْرِبُهُ حَتَّى تَفِيضَ نَفْسُهُ فَهَذَا مَا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمِنَ الْعَمْدِ أَيْضًا أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلَ فِي النَّائِرَةِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ عَنْهُ وَهُوَ حَيٌّ فَيُنْزَى فِي ضَرْبِهِ فَيَمُوتُ فَتَكُونُ فِي ذَلِكَ الْقَسَامَةُ
فَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ وَتَأْتِي فِي مَوْضِعِهَا إِنَّ شَاءَ اللَّهُ