أَرْشًا أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فَأَخَذَ لَهَا دِيَتَهَا أو رجله أو كان أشل أو أعور مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ لِذَلِكَ شَيْئًا فَقَتَلَ رَجُلًا سَالِمَ الْأَعْضَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَقْتُلَ الْأَعْوَرَ وَيَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ الدِّيَةِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَتَلَ ذَا عَيْنَيْنِ وَهُوَ أَعْوَرُ وَقَتَلَ ذَا يَدَيْنِ وَهُوَ أَشَلُّ
وَهَذَا يَدُلُّ على أن النفس مكافئة للنفس ويكافىء الطِّفْلُ فِيهَا الْكَبِيرَ وَيُقَالُ لِقَائِلِ ذَلِكَ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَا تُكَافِئُهُ الْمَرْأَةُ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ فَلِمَ قَتَلْتَ الرَّجُلَ بِهَا وَهِيَ لَا تُكَافِئُهُ ثُمَّ أَخَذْتَ نِصْفَ الدِّيَةِ
وَالْعُلَمَاءُ أَجْمَعُوا أَنَّ الدِّيَةَ لَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْقِصَاصِ وَأَنَّ الدِّيَةَ إِذَا قُبِلَتْ حَرُمَ الدَّمُ وَارْتَفَعَ الْقِصَاصُ فَلَيْسَ قَوْلُكُ هَذَا بِأَصْلٍ وَلَا قِيَاسٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتِجَاجُ مَالِكٍ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) الْمَائِدَةِ ٤٥ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ إِنْ كَانَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ فِي شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَلَمْ يُنَزِّلْ فِي كِتَابِنَا أَنَّهُ لَهُمْ خَاصَّةً وَلَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ لَهُمْ دُونَنَا وَلَمْ يُشْرَعْ لَنَا خِلَافَهُمْ فَهُوَ شَرْعٌ لَنَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَ نَبِيَّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ إِلَّا أَنْ يُشَرِّعَ لَهُ مِنْهَاجًا غَيْرَ مَا شَرَعَ لَهُمْ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فبهدهم اقْتَدِهِ) الْأَنْعَامِ ٩٠
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُمْسِكُ الرَّجُلَ لِلرَّجُلِ فَيَضْرِبُهُ فَيَمُوتُ مَكَانَهُ أَنَّهُ إِنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ قُتِلَا بِهِ جَمِيعًا وَإِنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيدُ الضَّرْبَ مِمَّا يَضْرِبُ بِهِ النَّاسَ لَا يَرَى أَنَّهُ عَمَدَ لِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُعَاقَبُ الْمُمْسِكُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ وَيُسْجَنُ سَنَةً لِأَنَّهُ أَمْسَكَهُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ
قَالَ أبو عمر روى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ إِنْ أَمْسَكَهُ حَتَّى يَقْتُلَهُ قُتِلَا بِهِ جَمِيعًا
وقال بن جُرَيْجٍ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ الْإِجْمَاعُ عِنْدَنَا فِي الْمُمْسِكِ وَالْقَاتِلِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي دَمِهِ يُقْتَلَانِ بِهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ فِيمَنْ أَمْسَكَ رَجُلًا حَتَّى قَتَلَهُ آخر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute