وَصَحَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا أَدْرَكْتَ فَاجْعَلْهُ أَوَّلَ صَلَاتِكَ
وَالَّذِي يَجِيءُ عَلَى أُصُولِ هَؤُلَاءِ مَا قَالَهُ الْمُزَنِيُّ وَدَاوُدُ وَإِسْحَاقُ وَلَيْسَ عِنْدِي عَنْهُمْ نَصٌّ فِي ذَلِكَ
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ مَا أَدْرَكَ هُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)) قَالُوا وَالتَّمَامُ هُوَ الْآخِرُ
وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِقَوْلِهِ ((وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا)) قَالُوا فَالَّذِي يَقْضِيهِ هُوَ الْفَائِتُ
وَالْحُجَجُ مُتَسَاوِيَةٌ لِكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى ((فَأَتِمُّوا)) أَكْثَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ يَطَّرِدُ عَلَى أَصْلِ مَنْ قَالَ مَا أَدْرَكَ فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ إِلَّا مَا قَالَ بن أَبِي سَلَمَةَ وَالْمُزَنِيُّ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَالْمُزَنِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ - أَسْقَطَ الْجَهْرَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَسُنَّةَ السُّورَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَيَيْنِ
هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِ إِمَامِهِ وَالْإِنْصَاتِ مَعَهُ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَقْعُدَ مَعَهُ فِي أُولَى لَهُ وَيَقُومُ فِي ثَانِيةٍ وَتَنْتَقِصُ رُتْبَةُ صَلَاتِهِ مَعَهُ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ (لِأَنَّهُ أُمِرَ بِاتِّبَاعِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ سَائِرُ ذَلِكَ)
أَلَا تَرَى إِلَى إِجْمَاعِهِمْ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا كَبَّرَ وَانْحَطَّ وَلَا يُقَالُ لَهُ أَسْقَطْتَ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ وَفَرْضَ الْوُقُوفِ لِمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ اتِّبَاعِ إِمَامِهِ
وَقَدِ احْتَجَّ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ بِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي التَّشَهُّدِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ - بِهَذَا الْحَدِيثِ ((مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا)) أَوْ فَأَتِمُّوا))
قَالُوا وَالَّذِي فَاتَهُ رَكْعَتَانِ لَا أَرْبَعٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا مَا فَاتَهُ وَذَلِكَ رَكْعَتَانِ
وَلَعَمْرِي إِنَّ هَذَا لَقَوْلٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يُعَارِضُهُ وَيَنْقُضُ تَأْوِيلَ قَوْلِ داود فيه وذلك قوله - عليه - ((مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصلاة