للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَكْثَرَ عِلْمًا مِنْهُ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ إِنَّهُ قَالَ مَا كَانَ الشَّأْنُ هَكَذَا وَلَكِنَّ سَهْلًا أَوْهَمَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ احْلِفُوا عَلَى مَا لَا عِلْمَ لَكُمْ بِهِ وَلَكِنَّهُ كَتَبَ إِلَى يَهُودَ حِينَ كَلَّمَتْهُ الْأَنْصَارُ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْن أَظْهُرِكُمْ فَدُوهُ فَكَتَبُوا لَهُ يَحْلِفُونَ مَا قَتَلُوهُ وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ قَاتِلًا فَوَدَاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عِنْدِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ مِثْلُ هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ لَا تُدْفَعُ بِالْإِنْكَارِ لَهَا لِأَنَّ الْإِنْكَارَ لَهَا جَهْلٌ بِهَا وَسَهْلٌ قَدْ شَهِدَ بِمَا عَلِمَ وَحَضَرَ الْقِصَّةَ وَرَكَدَتْهُ مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ

قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ الْقَسَامَةِ فِي الدَّمِ وَالْأَيْمَانِ فِي الْحُقُوقِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا دَايَنَ الرَّجُلَ اسْتَثْبَتَ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ وَأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ قَتْلَ الرَّجُلِ لَمْ يَقْتُلْهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ وَإِنَّمَا يَلْتَمِسُ الْخَلْوَةَ قَالَ فَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْقَسَامَةُ إِلَّا فِيمَا تَثْبُتُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ عُمِلَ فِيهَا كَمَا يُعْمَلُ فِي الْحُقُوقِ هَلَكَتِ الدِّمَاءُ وَاجْتَرَأَ النَّاسُ عَلَيْهَا إِذَا عَرَفُوا الْقَضَاءَ فِيهَا وَلَكِنْ إِنَّمَا جُعِلَتِ القسامة إلى ولاة المقتول يبدؤون بِهَا فِيهَا لِيَكُفَّ النَّاسُ عَنِ الدَّمِ وَلِيَحْذَرَ الْقَاتِلُ أَنْ يُؤْخَذَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ السُّنَّةُ إِذَا ثَبَتَتْ فَهِيَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ عِبَادَةٌ يَدْنُو الْعَامِلُ بِهَا مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ وَيَنَالُ الْمُسْلِمُ بِهَا دَرَجَةَ الْمُؤْمِنِ الْمُخْلِصِ وَالِاعْتِلَالُ لَهَا ظَنٌّ وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا أَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا الظَّنَّ مِنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ بِأَصْلٍ عِنْدَهُ وَلَوْ كَانَ أَصْلًا عِنْدَهُ لَقَاسَ عَلَيْهِ أَشْبَاهَهُ وَيُصَدَّقُ الَّذِي يَدَّعِي قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَلَبَهُ وَقَتَلَ وَلَيَّهُ في طريق لِأَنَّ قَاطِعَ الطَّرِيقِ يَلْتَمِسُ الْخَلْوَةَ وَكَذَلِكَ السَّارِقُ يَلْتَمِسُ الْخَلْوَةَ وَيَسْتَتِرُ لِمَا يَفْعَلُهُ جَهْرَةً

وَلَيْسَ يَقُولُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مُدَّعِيَ السَّرِقَةِ أَوِ الْقَطْعِ فِي الطَّرِيقِ يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهُ وَيَأْخُذُ بِيَمِينِهِ مَا ادَّعَاهُ

وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ مَنْ سُلِبَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ عَلَى مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ

إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ إِنَّ الْمَسْلُوبِينَ إِذَا شَهِدُوا عَلَى السَّالِبِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قُبِلُوا وَلَمْ يَقْبَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ لِمَا ادَّعَى

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ عَلَى مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ أنه سرق منه في الوضع الحالي

<<  <  ج: ص:  >  >>