للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن بن عُمَرَ قَالَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ إِنَّكَ تَسْتَحِي حَتَّى إِنَّهُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ

وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

أَنَّ الْحَيَاءَ لَمَّا كَانَ يَمْنَعُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْفُحْشِ وَالْفَوَاحِشِ وَيَحْمِلُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ صَارَ كَالْإِيمَانِ مُضَارِعًا لِأَنَّهُ يُسَاوِيهِ فِي بَعْضِ مَعَانِيهِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ شَأْنُهُ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْ كُلِّ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ إِذَا صَاحَبَهُ التَّوْفِيقُ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْإِيمَانِ يَرْدَعُهُ عَنِ الْكَذِبِ وَالْفُجُورِ وَالْآثَامِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانُ قَيْدُ الْفَتْكِ لَا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ

وَالْفَتْكُ الْقَتْلُ بَعْدَ الْأَمَانِ وَالْغَدْرُ بَعْدَ التَّأْمِينِ

فَلَمَّا كَانَ الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ سَبَبَيْنِ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ جَعَلَ الْحَيَاءَ شُعْبَةً مِنَ الْإِيمَانِ لأنه يمنع مِثْلُ الْإِيمَانِ مِنِ ارْتِكَابِ مَا لَا يَحِلُّ وَمَا يُعَدُّ مِنَ الْفُحْشِ وَالْفَوَاحِشِ وَإِنْ كَانَ الْحَيَاءُ غَرِيزَةً وَالْإِيمَانُ فِعْلُ الْمُؤْمِنِ الْمُوَفَّقِ لَهُ

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَدْ ذَكَرْنَا طرق أسانيدها فِي التَّمْهِيدِ

وَلِلْإِيمَانِ أُصُولٌ وَفُرُوعٌ فَمِنْ أُصُولِهِ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ مَعَ اعْتِقَادِ الْقَلْبِ بِمَا نَطَقَ بِهِ اللِّسَانُ مِنَ الشَّهَادَةَ بَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ كُلَّ مَا جَاءَ بِهِ عَنْ رَبِّهِ حَقٌّ مِنَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْإِيمَانِ بِمَلَائِكَةِ اللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَكُلِّ مَا أَحْكَمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَنَقَلَتْهُ الْكَافَّةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ بَعْدَ هَذَا

فَكُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ فَهُوَ مِنْ فُرُوعِ الْإِيمَانِ فَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْإِيمَانِ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ مِنَ الْإِيمَانِ وَحُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ مِنَ الْإِيمَانِ وَتَوْقِيرُ الْكَبِيرِ مِنَ الْإِيمَانِ وَرَحْمَةُ الصَّغِيرِ حَتَّى إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الْإِيمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>