لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُهَاجِرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ
قَالَ مَالِكٌ لَا أَحْسَبُ التَّدَابُرَ إِلَّا الْإِعْرَاضَ عَنْ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ فَتُدْبِرَ عَنْهُ بِوَجْهِكَ
كَذَا قَالَ يَحْيَى يُهَاجِرُ وَسَائِرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ يَهْجُرُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ لَا تَبَاغَضُوا نَهْيٌ مَعْنَاهُ النَّدْبُ إِلَى رِيَاضَةِ النَّفْسِ عَلَى التَّحَابِّ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ وَالْبِغْضَةَ لَا يَكَادُ الْمَرْءُ يَغْلِبُ فِيهِمَا نَفْسَهُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) الْأَنْفَالِ ٦٣ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ
وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ البغضة خالقة لِلدِّينِ لِأَنَّهَا تَبْعَثُ عَلَى الْغِيبَةِ وَسَتْرِ الْمَحَاسِنِ وَإِظْهَارِ الْمَسَاوِئِ وَرُبَّمَا آلَتْ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مَعْصُومَ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ (تَعَالَى)
وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلَا تَحَاسَدُوا فَلَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ لَا يَحْسُدُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ عَلَى نِعْمَةٍ أَتَاهُ اللَّهُ وَلْيَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ
وَقَدْ أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَدَ فِي الْخَيْرِ فَقَالَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ لَيْلَهُ وَرَجُلٌ أَتَاهُ اللَّهُ عَلْمًا - أَوْ قَالَ حِكْمَةً - فَهُوَ يَقْضِي بها ويعلمها
هكذا حديث بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وروي بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَيْنِ بِأَسَانِيدِهِمَا فِي التَّمْهِيدِ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute