للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا تَلْبَسْ مِنَ الْحَرِيرِ إِلَّا كَمَا كَانَ سُدَاهُ قُطْنًا أَوْ كَتَّانًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ فَقَالَ هُوَ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حلال على إناثهم

وأجمع السَّلَفُ وَالْخَلَفُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ حَرِيرًا كُلُّهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ لِبَاسُهُ

وَلَبِسَ الْخَزَّ جَمَاعَةٌ مِنْ جُلَّةِ السَّلَفِ وَكَانَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلَيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يَلْبَسُونَ الْخَزَّ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ مِنَ الزُّهْدِ دَاعِيَةٌ إِلَى الزَّهْوِ مُضَارِعٌ لِزِيِّ الْعَجَمِ

وَاخْتَلَفَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي لِبَاسِ الْخَزِّ وَأَعْلَامِ الْحَرِيرِ عَلَى نَحْوِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَكُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ ثَوْبَ الْحَرِيرِ إِذَا لَمْ يُخَالِطْهُ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ لِبْسُهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْهُمْ

وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي يُتَزَيَّنُ بِهَا وَيُتَجَمَّلُ بِلِبَاسِهَا فَغَيْرُ حَرَامٍ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا أن مَنْ تَرَكَ الْمُبَاحَ مِنْهَا تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَزُهْدًا فِي الدُّنْيَا وَاسْتَسْهَلَ الْخُشُونَةَ فِي مَطْعَمِهِ وَمَلْبَسِهِ رضى بِالدُّونِ مِنْ ذَلِكَ فَتِلْكَ مَنْزِلَةٌ أُخْرَى

وَأَمَّا الْحَرَامُ فَلَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أخرج لعباده والطيبت مِنَ الرِّزْقِ) الْأَعْرَافِ ٣٢

قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّا قَدْ أَرْضَى اللَّهُ علينا ووسع الله علينا فتناول مِنْ كُسْوَةٍ وَطِيبٍ مَا لَوْ شِئْنَا اكْتَفَيْنَا بِدُونِهِ فَمَا تَقُولُ قَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَدَّبَ أَهْلَ الْإِيمَانِ فَأَحْسَنَ أَدَبَهُمْ قَالَ (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما ءاته اللَّهُ) الطَّلَاقِ ٧ وَأَنَّ اللَّهَ مَا عَذَّبَ قَوْمًا أَعْطَاهُمُ الدُّنْيَا فَشَكَرُوهُ وَلَا عَذَرَ قَوْمًا ذَوَى عَنْهُمُ الدُّنْيَا فَعَصَوْهُ

وَقَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ الْبَسُوا ثِيَابَ الْمُلُوكِ وَأَشْعِرُوا قُلُوبَكُمُ الْخَشْيَةَ

وَقَدْ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَلْبَسُ الْخَزَّ

وَكَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَلْبَسُ الصُّوفَ وَكَانَا يَتَجَالَسَانِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُنْكِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِبَاسَهُ

وَقَدْ كَرِهَ الْعُلَمَاءُ مِنَ اللِّبَاسِ الشُّهْرَتَيْنِ وَذَلِكَ الْإِفْرَاطُ فِي الْبَذَاذَةِ وَفِي الْإِسْرَافِ وَالْغُلُوِّ

وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ إِنَّ قَوْمًا جعلوا خشوعهم

<<  <  ج: ص:  >  >>