قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تَدْفَعُهُ وَالْمُعَايَنَةَ تَرُدُّهُ وَالْخَبَرُ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْكَافِرَ يُسْلِمُ وَأَكْلُهُ كَمَا كَانَ وَشُرْبُهُ وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَنْ أَنَّ يُخْبِرَ بِخَبَرٍ فَيُؤْخَذَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ عَلَى خِلَافِ ذلك هذا ما لا يشك فيه المؤمن وكنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ عَنْ ذَلِكَ الضَّيْفِ بِخَبَرٍ كَانَ عَلَى مَا أَخْبَرَ لَا شَكَّ فِيهِ كَأَنَّهُ قَالَ هَذَا الضَّيْفُ إِذْ كَانَ كَافِرًا أَكَلَ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ فَلَمَّا أَسْلَمَ بُورِكَ لَهُ فِي إِسْلَامِهِ فَأَكَلَ فِي مِعًى وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ أَكْلُهُ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ سَبْعَةَ أَمْثَالِ مَا أَكَلَ عِنْدَهُ لَمَّا أَسْلَمَ إِمَّا لِبَرَكَةِ التَّسْمِيَةِ الَّتِي أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْبَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحِلَابِ تِلْكَ الشَّاةِ وَمَا وُضِعَ لَهُ فِيهَا مِنَ الْبَرَكَةِ مَا يَكُونُ لَهُ بُرْهَانًا وَآيَةً لِيَرْسَخَ الْإِيمَانُ فِي نَفْسِهِ وَذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِتَكُونَ آيَةً لِذَلِكَ الرَّجُلِ فَأَرَاهُ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ آيَةً فِي إِيمَانِهِ لِيَزْدَادَ يَقِينًا وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ مِنْ آيَاتِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَانًا فِي بَرَكَةِ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلَ مِنْهُ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ فَشَبِعُوا وَهُوَ قُوتُ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ وَآيَاتُهُ وَعَلَامَاتُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ قَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا فِي مَوَاضِعَ مِنَ التَّمْهِيدِ مَا يَشْفِي النَّاظِرَ وَيَزِيدُ فِي يَقِينِ الْمُؤْمِنِ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ هَذَا الْحَدِيثِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ) آلِ عِمْرَانَ ١٧٣
وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ (قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) آلِ عِمْرَانَ ١٧٣
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْمُخْبِرَ الْقَائِلَ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَانَ رَجُلًا وَاحِدًا
وَقَدْ يَسْمَعُ السَّامِعُ قَوْلًا فَيَتَنَاوَلُهُ عَلَى الْعُمُومِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْمُخْبَرُ إِلَّا الْخُصُوصَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ
وَهَذَا كَانَ مِنْهُ جَوَابًا لِسَائِلٍ سَأَلَهُ عَنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ مَا كَانَ مِثْلَهُمَا مِمَّا حُرِّمَ فِيهِ الرِّبَا مِنْ جِنْسَيْنِ مَطْعُومَيْنِ فَأَجَابَهُ أَنَّهُ لَا ربا إلا في النسيئة يعني في ما سَأَلْتَ عَنْهُ
وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ رَجُلٌ بِعَيْنِهِ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حدثني قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute