للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِنْ تَرَكَ الْأَذَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ عِنْدَهُمْ - وَهُمْ أَشَدُّ كَرَاهِيَةً لِتَرْكِهِ الْإِقَامَةَ

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْأَذَانَ غَيْرُ وَاجِبٍ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ بِسُقُوطِ أَذَانِ الْوَاحِدِ عِنْدَ الْجَمِيعِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ

وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي ((التَّمْهِيدِ)) بِالْآثَارِ وَوُجُوهِ الْأَقْوَالِ

وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ كَالشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ

وَفِيهِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ الرُّخْصَةُ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ

وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ كُلُّ عُذْرٍ مَانِعٍ وَأَمْرٍ مُؤْذٍ

وَإِذَا جَازَ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ لِلْعَشَاءِ وَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ - فَالتَّخَلُّفُ عَنْهَا لِمِثْلِ هَذَا أَحْرَى

وَالسَّفْرُ عِنْدِي وَالْحَضَرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ السَّفْرَ إِنْ دَخَلَ بِالنَّصِّ دَخَلَ الْحَضَرُ بِالْمَعْنَى لِأَنَّ الْعِلَّةَ مِنَ الْمَطَرِ وَالْأَذَى قَائِمَةٌ فِيهِمَا

وَاسْتَدَلَّ قَوْمٌ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَذَانِ جَائِزٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِذَا كَانَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ وَذَكَرْنَا حَدِيثَ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ مُنَادِيَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ فِي السَّفَرِ يَقُولُ إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِ مِنْ طُرُقٍ فِي ((التَّمْهِيدِ))

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهِيَةِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ وَإِجَازَتِهِ

فَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْكَلَامَ فِي الْأَذَانِ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا يُقْتَدَى بِهِ تَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ وَكَرِهَ رَدَّ السَّلَامِ فِي الْأَذَانِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ الْمُؤَذِّنُ بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ

وَكَذَلِكَ لَا يُشَمِّتُ عَاطِسًا فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنَ ذَلِكَ وَتَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَيُبْنَى عَلَى أَذَانِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ فِي ذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ قَالُوا لَا يَتَكَلَّمُ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ وَلَا إِقَامَتِهِ وَإِنْ تَكَلَّمَ مَضَى وَيُجْزِئُهُ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ

وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وبن سِيرِينَ كَرَاهَةُ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ

وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا عَلِمْتُ - إِعَادَةَ الْأَذَانِ وَابْتِدَاءَهُ لِمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ إِلَّا عَنِ بن شِهَابٍ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>