للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ يَحْيَى تُضْرِمُ على الناس بينهم

وتابعه بن وهب وبن القاسم

وقال بن بكير بيوتهم

وقال القعنبي بينهم أَوْ بُيُوتَهُمْ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِغَلْقِ الْأَبْوَابِ مِنَ الْبُيُوتِ فِي اللَّيْلِ وَتِلْكَ سُنَّةٌ مَأْمُورٌ بِهَا رِفْقًا بِالنَّاسِ لِشَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ

وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غَلَقًا وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً فَذَلِكَ إِعْلَامٌ مِنْهُ وَإِخْبَارٌ عَنْ نِعَمِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى عِبَادِهِ مِنَ الْإِنْسِ إِذْ لَمْ يُعْطَ قُوَّةً عَلَى قُوَّةِ فَتْحِ بَابٍ وَلَا حَلِّ وِكَاءٍ وَلَا كَشْفِ إِنَاءٍ وَأَنَّهُ قَدْ حُرِمَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أُعْطِيَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا مِنَ التَّخَلُّلِ وَالْوُلُوجِ حَيْثُ لَا يَلِجُ الْإِنْسُ

وَقَوْلُهُ أَوْكُوا السِّقَاءَ مَعْنَاهُ أَيْضًا قَرِيبٌ مِمَّا وَصَفْنَا فِي غَلْقِ الْبَابِ وَالسِّقَاءُ الْقِرْبَةُ وَقَدْ تَكُونُ الْقُلَّةُ وَالْخَابِيَةُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُمَا في ذلك المعنى

وقوله أكفؤوا الْإِنَاءَ مَعْنَاهُ اقْلِبُوهُ عَلَى فِيهِ أَوْ خَمِّرُوهُ - شَكَّ الْمُحَدِّثُ

وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ تَجُولُ بِالْبُيُوتِ وَالدُّورِ بِاللَّيْلِ وَفِيهِمْ مَرَدَةٌ تُؤْذِي بِدُرُوبٍ مِنَ الْأَذَى وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي أَفْعَالِهِمْ فِي كِتَابِ الْعُلَمَاءِ وَمَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَاتِ فِي أَزْمِنَةٍ شَتَّى وَهُمْ لَنَا أَعْدَاءٌ وَحَسْبُكَ بِفِعْلِ الْعَدُوِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) الْكَهْفِ ٥٠ وَالْكَلِمَةُ مِنْ قَوْلِهِ أَكْفِئُوا الْإِنَاءَ ثُلَاثِيَّةٌ مَهْمُوزَةٌ يُقَالُ كَفَأْتُ الْإِنَاءَ أَكْفَؤُهُ فَهُوَ مَكْفُوءٌ إِذَا قَلَبْتُهُ

قَالَ بن هرمة

(عندي لهذا الزمان آنية ... أملأها مَرَّةً وَأَكْفَؤُهَا) وَقَوْلُهُ أَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ مَهْمُوزٌ أَيْضًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أطفأها الله) المائدة ٦٤

وقال بن هَرْمَةَ

(بَرَزْتُ فِي غَايَتِي وَشَايَعَنِي ... مُوقِدُ نَارِ الْوَغَى وَمُطْفِئُهَا) وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِطْفَاءِ الْمِصْبَاحِ رِفْقًا بِأُمَّتِهِ وَحِيَاطَةً عَلَيْهِمْ وَأَدَبًا لَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>