للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا طَرِيقُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا كَانَتْ رَغْبَةً فِي الْآخِرَةِ وَإِيثَارًا لَهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ أَبَاحَ الطَّيِّبَاتِ وَهِيَ الْحَلَالُ وقال عز وجل) اليوم أحل لكم الطيبت) الْمَائِدَةِ ٥ وَقَالَ (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لعباده والطيبت مِنَ الرِّزْقِ) الْأَعْرَافِ ٣٢

فَأَكْلُ اللَّحْمِ الْمُبَاحِ حَلَالٌ وَمِنَ السُّنَّةِ وَالشَّرِيعَةِ ذَبْحُ الْغَنَمِ وَنَحْرُ الْبُدْنِ وَالْأَكْلُ مِنْهَا وَإِطْعَامُ الْقَانِعِ وَالْمُعْتَرِّ فَأَكْلُ مَا حَلَّ مِنَ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ مُبَاحٌ وَأَكْلُ مَا حَرُمَ لَا يَحِلُّ خَشِنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ خَشِنٍ إِلَّا أَنَّ مَنْ يَتْرُكُ الدُّنْيَا حُبًّا فِي الْآخِرَةِ نَالَ فِي الْآخِرَةِ أَعْلَى دَرَجَةٍ وَمَا التَّوْفِيقُ إِلَّا بِاللَّهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ ظاهرة الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي الْكُفَّارِ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النار أذهبتم طيبتكم في حياتكم الدنيا) الْأَحْقَافِ ٢٠

وَلَكِنَّ فِعْلَ عُمَرَ وَقَوْلَهُ فِعْلُ أَهْلِ الزُّهْدِ وَقَوْلُهُمْ

رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْهُمْ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ فَآتَاهُمْ بِجَفْنَةٍ قَدْ صُنِعَتْ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ وَقَالَ لهم كلوا فأكلا أَكْلًا ضَعِيفًا فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ قَدْ أَرَى أَكْلَكُمْ إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ الْحُلْوَ وَالْحَامِضَ وَالْحَارَّ وَالْبَارِدَ كُلُّ ذَلِكَ قَذْفًا فِي الْبُطُونِ

وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ قَدِمَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى عُمَرَ فَرَآهُمْ يَأْكُلُونَ أَكْلًا ضَعِيفًا فَقَالَ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ لَوْ شِئْتُ أَنْ يُدْهَنَ لَكُمْ لَفَعَلْتُ لَكِنَّا نَسْتَبْقِي مِنْ دُنْيَانَا مَا نَجِدُهُ فِي آخِرَتِنَا أَمَا سمعتم الله تعالى يقول (أذهبتم طيبتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم) الأحقاف ٢٠

ذكره أبو بكر وغيره عن بن عيينة

وروى بن وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا نَفِي بِلَذَّاتِ الدُّنْيَا أَنْ نَأْمُرَ بِصِغَارِ الْمَاعِزِ فَتُسْمَتُ لَنَا وَنَأْمُرُ بِلُبَابِ الْحِنْطَةِ فَيُخْبَزُ لَنَا وَنَأْمُرُ بِالزَّبِيبِ فَيُنْبَذُ لَنَا فِي الْأَسْقِيَةِ حَتَّى إِذَا صَارَ مِثْلَ عَيْنِ الْيَعْقُوبِ أَكَلْنَا هَذَا وَشَرِبْنَا هَذَا وَلَكِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَسْتَبْقِيَ طَيِّبَاتِنَا لِأَنَّا سمعنا الله يقول لقوم (أذهبتم طيبتكم فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا) الْأَحْقَافِ ٢٠

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ لَكُنْتُ مِنْ أَلْيَنِكُمْ طَعَامًا وَأَرَقِكُمْ عَيْشًا إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَجْهَلُ كَذَا أَوْ كَذَا وَلَكِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَيَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>