للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَرْثُ يَدْخُلُ فِيهِ الْكَرْمُ وَالزَّرْعُ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وداود وسليمن إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) الْأَنْبِيَاءِ ٧٨ أَنَّهُ كَانَ كَرْمًا

وَفِي مَعْنَى الزَّرْعِ وَالْكَرْمِ وَالْغَنَمِ عِنْدِي مَنَافِعُ الْبَادِيَةِ كُلُّهَا مِنَ الطَّارِقِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ سُئِلَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنِ اتِّخَاذِ الْكِلَابِ لِلدَّارِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ مَوْضِعُ الدَّارِ مَخُوفًا

وَأَجَازَ مَالِكٌ اقْتِنَاءَ الْكِلَابِ للزرع والصيد والماشية

وكان بن عُمَرَ لَا يُجِيزُ اتِّخَاذَ الْكَلْبِ إِلَّا لِلصَّيْدِ والماشية خاصة ووقف عندما سَمِعَ وَلَمْ يَبْلُغْهُ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وسفيان بن أبي زهير وبن مُغَفَّلٍ وَغَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اتِّخَاذَ الْكِلَابِ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الِاتِّخَاذُ لِغَيْرِ الزَّرْعِ وَالضَّرْعِ وَالصَّيْدِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا - أَوِ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا وَلَا اتَّخَذَهُ لِلصَّيْدِ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ لَا يُقَالُ فِيهَا مَنْ فَعَلَ هَذَا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ مِنْ أَجْرِهِ كَذَا بَلْ يُنْهَى عَنْهُ لِئَلَّا يُوَاقِعَ الْمُطِيعُ شَيْئًا مِنْهَا

وَإِنَّمَا يَدُلُّ ذَلِكَ اللَّفْظُ عَلَى الْكَرَاهَةِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا نُقْصَانُ الْأَجْرِ فَإِنَّ ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِمَا يَقَعُ مِنَ التَّفْرِيطِ فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكِلَابِ لِمَنْ لَهُ اتِّخَاذُهَا وَمِنَ التَّقْصِيرِ عَنِ الْقِيَامِ لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ عَدَدِ الْغَسَلَاتِ وَقَدْ يَكُونُ لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ

وَقَدْ يَكُونُ فِي التَّقْصِيرِ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْكَلْبِ لِأَنَّهُ قَانِعٌ نَاظِرٌ إِلَى يَدِ مُتَّخِذِهِ فَفِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ أَجْرٌ كَمَا قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ ذِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ وَفِي الْإِسَاءَةِ إِلَيْهِ بِتَضْيِيقِهِ وزر

<<  <  ج: ص:  >  >>