عن بن عَبَّاسٍ
وَالثَّانِي عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَزَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ
وَقَالَ فِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَعْمَرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا - أَوْ قَالَ ذَائِبًا - لَمْ يُؤْكَلْ وَلَكِنِ انْتَفَعُوا بِهِ وَاسْتَصْبِحُوا
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ بِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ وَقَدْ تَقَصَّيْنَاهَا فِي التَّمْهِيدِ مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ لِلسَّمْنِ الْجَامِدِ الْمُلَاصِقِ لِلْفَأْرَةِ بِحُكْمِ الْفَأْرَةِ الْمَيْتَةِ بِتَحْرِيمِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - الْمَيْتَةَ عَلَى عِبَادِهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِلْقَاءِ الْفَأْرَةِ وَإِلِقَاءِ مَا مَسَّهَا وَاتَّصَلَ بِهَا مِنَ السَّمْنِ الْجَامِدِ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ أَكْلَ الْفَأْرَةِ الْمَيْتَةِ وَمَا بَاشَرَهَا مِنَ السَّمْنِ الْجَامِدِ حَرَامٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
وَاخْتَلَفُوا فِي السَّمْنِ الْمَائِعِ الذَّائِبِ وَالزَّيْتِ الْمَائِعِ وَالْخَلِّ وَالْعَسَلِ وَالْمُرِّيِّ وَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ
فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْفُتْيَا بِالْأَمْصَارِ لَا يُؤْكَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إِذَا مَاتَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَهُ دَمٌ سَائِلٌ كَالْفَأْرَةِ وَالْعُصْفُورِ وَالدَّجَاجَةِ وَالْوَزَغَةِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ بِالذَّكَاةِ وما يُؤْكَلُ مِنَ الْحَيَوَانِ أَصْلًا فَهُوَ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ أَحْرَى
وَشَذَّتْ طَائِفَةٌ عَنِ الْجَمَاعَةِ مِنْهُمْ دَاوُدُ فَقَالُوا لَا يُؤْكَلُ الْجَامِدُ الْمُتَّصِلُ بِالْفَأْرَةِ مِنَ السَّمْنِ وَيُؤْكَلُ غَيْرُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ مَائِعٍ وَجَامِدٍ إِذَا لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ النَّجَاسَةُ الْوَاقِعَةُ فِيهِ وَلَمْ تُغَيِّرْ شَيْئًا مِنْهُ وَحَكَمُوا هُنَا لِلْمَائِعَاتِ حُكْمَ الْمَاءِ
وَمِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ أَيْضًا مَنْ أَجَازَ أَكَلَ الْجَامِدِ وَغَيْرَ الْجَامِدِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ وَرَدُّوا الْحَدِيثَ كَرَدِّهِمْ لِسَائِرِ أَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ عَصَمَنَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ مِنَ الْخُذْلَانِ
وَيُلْزِمُ دَاوُدُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَنْ لَا يَتَعَدَّى الْفَأْرَةَ كَمَا لَا يَتَعَدَّى السَّمْنَ وَأَظُنُّهُ قَالَهُ أَوْ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَيَلْزَمُهُمْ أَيْضًا أَنْ لَا يَعْتَبِرُوا إِلْقَاءَهَا فِي السَّمْنِ الجامد