للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا قِيلَ لِلْمُؤْمِنِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ قَائِلُ ذَلِكَ بِوِزْرِ الْكَلِمَةِ وَاحْتَمَلَ إِثْمًا مُبِينًا وَبُهْتَانًا عَظِيمًا إِلَّا أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَرْكٍ مَا يَكُونُ بِهِ الْإِيمَانُ

وَفَائِدَةُ هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ تَكْفِيرِ الْمُؤْمِنِ وَتَفْسِيقِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل (ولا تنابزوا بالألقب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمن) الْحُجُرَاتِ ١١

فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ يَا فَاسِقُ

وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ عِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ

وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ لِأَنَّهُ قَالَ هُوَ الرَّجُلُ يُدْعَى بِالْكُفْرِ وَهُوَ مُسْلِمٌ

وَقَدْ فسر بن حَبِيبٍ هَذَا الْبَابَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ تَفْسِيرًا حَسَنًا لَا تَدْفَعُهُ الْأُصُولُ قَالَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَنْ قَالَهُ عَلَى اعْتِقَادِ التَّكْفِيرِ بِالنِّيَّةِ وَالْبَصِيرَةِ وَهُمُ الْخَوَارِجُ لَا أَرَاهُ أَرَادَ بِذَلِكَ إِلَّا الْخَوَارِجَ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِالذُّنُوبِ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ وَرَأَى رَأْيَهُمْ

فَأَمَّا مَنْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ اسْتِعْظَامِ مَا يَرْتَكِبُ الرَّجُلُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَمَا يُظْهِرُهُ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالتَّشْدِيدُ بِذَلِكَ النَّهْيِ وَالزَّجْرِ وَالتَّرَجُّعِ فَلَيْسَ مِنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ فِي شَيْءٍ

١٨٤٧ - مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعْنَاهُ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ ذَلِكَ الْقَوْلَ احْتِقَارًا لِلنَّاسِ وَازْدِرَاءً بِهِمْ وَإِعْجَابًا بِنَفْسِهِ وَأَمَّا إِذَا قَالَ ذَلِكَ تَأْسُّفًا وَتَحَزُّنًا وَخَوْفًا عَلَيْهِمْ لِقُبْحِ مَا يَرَى مِنْ أَعْمَالِهِمْ فَلَيْسَ مِمَّنْ عُنِّيَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِنَّ تَفَقُّهَ الرَّجُلِ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى يَمْقُتَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ثُمَّ يَعُودُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ لَهَا أَشَدُّ مَقْتًا قَالَ ضَمْرَةُ بْنَ رَبِيعَةَ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْمَلَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا فَأَنْزِلِ النَّاسَ مَنْزِلَةَ الْبَقَرِ إِلَّا أَنَّكَ لا تحقرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>