وَأَمَّا مَنْ رَوَاهُ أَلَا تُخْبِرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْبَارَهُمْ بِهَا لِيَعْلَمَ كَيْفَ فَهْمُهُمْ لَهَا وَهُوَ مَعْنًى مُتَقَارِبٌ وَإِنِ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ فِيهِ
وَلَيْسَ عِنْدَ بن بُكَيْرٍ هَذَا الْحَدِيثُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُوَطَّأِ وَلَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَبْوَابِ إِلَّا بَابٌ وَاحِدٌ تَرْجَمَتُهُ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ أَوْرَدَ فِيهِ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ الْأَرْبَعَةِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهُ مِنْ وُجُوهٍ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَوَاهُ مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ضَمِنَ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ
وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يَتَكَفَّلْ لِي بِمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثْنَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ شَرَّ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَشَرَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ
وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أن أكبر الكبائر وإنما هِيَ مِنَ الْفَمِ وَالْفَرْجِ وَمَا بَيْنَ اللَّحْيَيْنِ الْفَمُ وَمَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ الْفَرَجُ
وَمِنَ الْفَمِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنَ اللِّسَانِ وَهُوَ كَلِمَةُ الْكُفْرِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ وَأَخْذُ أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنَ الْفَمِ أَيْضًا شُرْبُ الْخَمْرِ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ اليتيم ظلما
ومن الفرج الزنى وَاللِّوَاطُ وَمَنِ اتَّقَى مَا يَأْتِي مِنَ اللِّسَانِ وَالْفَرْجِ فَأَحْرَى أَنْ يَتَّقِيَ الْقَتْلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْكَبَائِرُ كَثِيرَةٌ إِلَّا أَنَّ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِيهَا مَا جَاءَ مَنْصُوصًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مُرَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ) النِّسَاءِ