قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْمَعْنَى يُسْتَنَدُ مِنْ حديث مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بن هدثه أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ
وَلَا أَعْلَمُ رَوَاهُ وَأَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا جُوَيْرِيَةَ بْنَ أَسْمَاءَ وَسَعِيدَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ الزَّنْبَرِيَّ
وَفِيهِ قَوْلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ
وَهَذَا عِنْدَنَا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ لِأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ وَالْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ أَرَادَا أَنْ يَسْتَعْمِلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَنَهَاهُمَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ سُؤَالِ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمْ يَقْبَلَا مِنْهُ وَرَدَّا عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ فَقَالَ لَهُمَا إِنَّ الصَّدَقَةَ أَوْسَاخُ النَّاسِ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ وَأَمَرَ لَهُمَا بِمَا أَرَادَهُ مِنَ الْخُمْسِ
وَالْحَدِيثُ مَذْكُورٌ بِتَمَامِهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وهو اختلاف متباين ونذكر منه ها هنا مَا عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْفُتْيَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِآلِ مُحَمَّدٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ تُعْطَى مَوَالِيَهُمْ وَإِنَّمَا تَحْرُمُ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ دُونَ التَّطَوُّعِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ عِنْدَهُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ أُصْحَابُهُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِهِمْ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَأْخُذُ مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ الصَّدَقَةَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ذَوُو الْقُرْبَى الَّذِينَ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ فَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ آلُ الْعَبَّاسِ وَآلُ عَلِيٍّ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَقِيلٍ وَوَلَدُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَوَلَدُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ جَمِيعًا وَمَوَالِيهِمْ
وَإِنَّمَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ
فَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا
هَذَا مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُمْ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي كِتَابِ الِاخْتِلَافِ
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْآثَارِ قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الصَّدَقَةُ حَلَالٌ لِبَنِي هَاشِمٍ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَحِلُّ لَهُمُ الصَّدَقَةُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَتَحِلُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ