وَهَؤُلَاءِ إِشَارَةٌ إِلَى جَمَاعَةِ مَنْ يَعْقِلُ وَمَا لَا يَعْقِلُ وَأَقَلُّ الْجَمَاعَةِ ثَلَاثَةٌ
فَعَلِمْنَا بِقَوْلِهِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ أَرَادَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ وَالْآيَاتُ أَقَلُّهَا ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ اثْنَتَيْنِ لَقَالَ هَاتَانِ وَلَوْ أَرَادَ وَاحِدَةً لَقَالَ هَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي
وَإِذَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِ (اهْدِنَا) إِلَى آخَرِ السُّورَةِ ثَلَاثُ آيَاتٍ كَانَتِ السَّبْعُ آيَاتٍ مِنْ قَوْلِهِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) إِلَى قَوْلِهِ (وَلَا الضَّالِّينَ) وَصَحَّتْ قِسْمَةُ السَّبْعِ عَلَى السَّوَاءِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثٌ وَآيَةٌ بَيْنَهُمَا
قَالَ فِي الْأُولَى ((حَمِدَنِي عَبْدِي)) وَفِي الثَّانِيَةِ ((أَثْنَى عَلِيَّ عَبْدِي)) وَفِي الثَّالِثَةِ ((مَجَّدَنِي عَبْدِي)) وَفِي الرَّابِعَةِ ((هَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي)) ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِهِ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ((هَؤُلَاءِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ))
فَلَمَّا قَالَ هَؤُلَاءِ عَلِمْنَا أَنَّهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ وَتَقَدَّمَتْ أَرْبَعَةٌ تَتِمَّةُ سَبْعِ آيَاتٍ لَيْسَ فِيهَا (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ سَبْعُ آيَاتٍ
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي))
وَأَجْمَعَ الْقُرَّاءُ وَالْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فَمَنْ جَعَلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَمْ يَعُدَّ (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) آيَةً وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) آيَةً عَدَّ (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) آيَةً وَهُوَ عَدَدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ
وَأَمَّا أَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ عَدُّوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) آيَةً وَلَمْ يَعُدُّوا (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَبْيَنُ مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي سُقُوطِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
مِنْ آيِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَهُوَ قَاطِعٌ لِمَوْضِعِ الْخِلَافِ
فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ تَكُونُ قِسْمَةُ الصَّلَاةِ عِبَارَةً عَنِ السُّورَةِ وَهُوَ يَقُولُ ((قَسَمْتُ الصَّلَاةَ)) وَلَمْ يَقُلْ قَسَمْتُ السُّورَةَ
قِيلَ مَعْلُومٌ أَنَّ الْقِرَاءَةَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ (وَقُرْآنَ الْفَجْرَ) الْإِسْرَاءِ ٧٨ أَيْ قِرَاءَةَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَجَائِزٌ أَنْ يُعَبِّرَ أَيْضًا بِالصَّلَاةِ عَنِ الْقِرَاءَةِ وَالْقُرْآنِ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ أن (بسم الله الرحمن الرحيم) ليست آية مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ