وَيَشْهَدُ لِهَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِمَامِ ((وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا))
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِالْأَسَانِيدِ وَالطَّرْقِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
وَقَدْ صَحَّحَ هَذَا اللَّفْظَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَنْ يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ إِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا فَقَالَ حَدِيثُ بن عَجْلَانَ الَّذِي يَرْوِيهِ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ جَرِيرٌ عَنِ التَّيْمِيِّ وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْمُعْتَمِرَ رَوَاهُ قُلْتُ نَعَمْ قَدْ رَوَاهُ الْمُعْتَمِرُ قَالَ فَأَيُّ شَيْءٍ تُرِيدُهُ فَقَدْ صَحَّحَ أَحْمَدُ هَذَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَأَيْنَ الْمَذْهَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ وَلَوْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِنْصَاتِ وَالِاسْتِمَاعِ مَنْ سَمِعَ دُونَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ
قَالَ عَطَاءٌ إِذَا لَمْ يَسْمَعُ فَإِنْ شَاءَ سَبَّحَ وَإِنْ شَاءَ قَرَأَ
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَنْ لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ بِمَا شَاءَ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا بِهِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ
وَأَمَّا مَالِكٌ فَكَرَهَ ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ وَلَا يُجِيزُ الْقِرَاءَةَ لِلْمَأْمُومِ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ سَمِعَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَتْرُكُ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ خَلْفَ إِمَامِهِ فِيمَا أَسَرَّ وَفِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)) عَامُّ لَا يَخُصُّهُ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ((كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ))
وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ
وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ