للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِمَا قَدَّمْنَا مِنَ الدَّلَائِلِ

وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّأْمِينَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى قَوْلِهِ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ

وَيَدُلُّكُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سُمَيٍّ ((إِذَا قَالَ الْإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولُوا آمِينَ))

وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا تَأْمِينَ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَسَقَطَ الْكَلَامُ فِيهِ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَيْضًا يَقُولُ آمِينَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا))

وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَ الْمَأْمُومِ هُوَ آمِينَ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْإِمَامِ

وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ

فروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ آمِينَ وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ خَلْفَهُ دُونَهُ وهو قول بن الْقَاسِمِ وَالْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ

وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ ((إِذَا قَالَ الْإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولُوا آمِينَ))

وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ

وَمِثْلُهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِذَا قَالَ الْإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقَالَ مَنْ خَلْفَهُ آمِينَ فَوَافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ آمِينَ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ سُنَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أن الإمام يقتصر على القراءة بإلى (وَلَا الضَّالِّينَ) وَأَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْتَصِرُ عَلَى التَّأْمِينِ قَالُوا وَالدُّعَاءُ يُسَمَّى تَأْمِينًا

وَالتَّأْمِينُ دُعَاءٌ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - لِمُوسَى وَهَارُونَ (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) يُونُسَ ٨٩ وَإِنَّمَا كَانَ مُوسَى الدَّاعِي وَهَارُونُ يُؤَمِّنُ كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ

فَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا)) أَرَادَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ فَأَمِّنُوا

وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ الْإِمَامُ آمِينَ كَمَا يَقُولُهَا الْمُنْفَرِدُ والمأموم

<<  <  ج: ص:  >  >>