للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى وَهُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَفِيهِ أَنَّ مُجَاوَبَةَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاجِبَةٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ وَأَصْحَابَهُ مَخْصُوصُونَ بِذَلِكَ مَا كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَيَّا فِيهِمْ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِجَابَتُهُ فِي الصَّلَاةِ إِشَارَةً كَمَا كَانَ - عَلَيْهِ السلام - يضع فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ بِالْأَنْصَارِ إِذْ دَخَلُوا فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَكَانَ يُشِيرُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخِلَافُ بَيْنَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا هُوَ أَنَّ مالكا يقول في رواية بن الْقَاسِمِ عَنْهُ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ تَعَمُّدُ الْكَلَامِ فِيهَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي صَلَاحِهَا وَشَأْنِهَا

وهو قول ربيعة وبن الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَسَائِرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا تَعَمَّدَ الْكَلَامَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ عَالِمًا أَنَّهُ لَمْ يُتِمْهَا فَقَدْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ فَإِنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا أَوْ تَكَلَّمَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ صَلَاتَهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ عِنْدَ نَفْسِهِ فَهَذَا يَبْنِي وَلَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ ذَلِكَ صَلَاتَهُ

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِيمَا حَكَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الْإِنْسَانُ فِي صَلَاتِهِ لِإِصْلَاحِهَا لَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ وَإِنَّ تَكَلَّمَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ إِنَّمَا تَكَلَّمَ ذُو الْيَدَيْنِ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ قَصُرَتْ وَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ دَافِعٌ لِقَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ وَكَلَّمَ الْقَوْمَ فَأَجَابُوهُ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يجيبوه

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا نَحْوَ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ

وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الَّذِي تَحْصَّلَ عَلَيْهِ - قَوْلُهُ فِيمَنْ تَكَلَّمَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إِلَّا الْإِمَامَ خَاصَّةً فَإِنَّهُ إِذَا تَكَلَّمَ لِيُصْلِحَ صَلَاتَهُ لَمْ تُبْطِلْ صَلَاتَهُ

وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَ الْأَوْزَاعِيِّ فِيمَا مَضَى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِإِمَامِ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْعَصْرِ إِنَّهَا الْعَصْرُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>