وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ السَّاهِيَ فِي صَلَاتِهِ إِذَا فَعَلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ
وَفِيهِ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الزِّيَادَةِ قَبْلَ السَّلَامِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَا قَدَّمْنَا عَنْهُمْ ذِكْرَهُ قَالُوا كُلُّ سَهْوٍ كَانَ نُقْصَانًا مِنَ الصَّلَاةِ فَالسُّجُودُ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ لحديث بن بُحَيْنَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
١٨٤ - أَنَّهُ قَامَ مِنَ اثْنَتَيْنِ دُونَ أَنْ يَجْلِسَ فَسَجَدَ لِسَهْوِهِ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَدْ نَقُصَ الْجِلْسَةُ الْوُسْطَى وَالتَّشَهُّدُ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَانَ السَّهْوُ زِيَادَةً فَالسُّجُودُ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَهَا فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَوْمَئِذٍ وَتَكَلَّمَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَبَنَى فَزَادَ سَلَامًا وَعَمَلًا وَكَلَامًا وَهُوَ سَاهٍ لَا يَظُنُّ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ
وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ
وَيَقُولُ مَالِكٌ هَذَا وَمَنْ تَابَعَهُ يَصِحُّ اسْتِعْمَالُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ
وَاسْتِعْمَالُ الْأَخْبَارِ عَلَى وُجُوبِهَا أُولَى مِنَ ادِّعَاءِ النَّسْخِ فِيهَا وَمِنْ جِهَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ بَيِّنٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ السُّجُودَ فِي النُّقْصَانِ إِصْلَاحٌ وَجَبْرٌ وَمَحَالٌّ أَنْ يَكُونَ الْإِصْلَاحُ وَالْجَبْرُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ
وَأَمَّا السُّجُودُ فِي الزِّيَادَةِ فَإِنَّمَا هُوَ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ وَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَرَاغِ
وَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مَنْ وَضَعَ السُّجُودَ الَّذِي قَالُوا إِنَّهُ بَعْدُ - قَبِلُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُمْ أَشَدُّ اسْتِثْقَالًا لِوَضْعِ السُّجُودِ الَّذِي بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ وَذَلِكَ لِمَا رُئِيَ وَعُلِمَ مِنَ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ السُّجُودُ كُلُّهُ فِي السَّهْوِ زِيَادَةً كَانَ أَوْ نُقْصَانًا بَعْدَ السَّلَامِ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن وعمر بن عبد العزيز
وحجة الكوفيين في ذلك حديث بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَمْسًا