وَأَمَّا كَعْبُ الْأَحْبَارِ فَهُوَ كَعْبُ بْنُ مَانِعٍ الْحِمْيَرِيُّ مِنْ ذِي رُعَيْنٍ مِنْ حِمْيَرَ وَقِيلَ مِنْ ذِي هَجَرٍ مِنْ حِمْيَرَ يُكَنَّى أَبَا إِسْحَاقَ أَسْلَمَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَتُوُفِّيَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَقَدْ ذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ خَبَرِهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا إِبَاحَةُ الْحَدِيثِ عَنِ التَّوْرَاةِ لِمَنْ عَلِمَهَا عِلْمَ ثِقَةٍ وَيَقِينٍ
وَكَانَ كَعْبٌ عَالِمًا بِهَا لِأَنَّهُ كَانَ حَبْرًا مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ وَإِنْ كَانَ عَرَبِيَّ النَّسَبِ فَإِنَّ مِنَ الْعَرَبِ كَثِيرًا تَنَصَّرَ وَكَثِيرًا تَهَوَّدَ
وَقَدْ أَفْرَدْنَا بَابًا كَافِيًا فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَيْفَ الْمَعْنَى فِيمَا جَاءَ عَنْهُمْ فِي كِتَابِ جَامِعِ بَيَانِ الْعَلَمِ
وَفِيهِ أَنَّ خَيْرَ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَفِي ذَلِكَ فَضْلُ بَعْضِ الْأَيَّامِ عَلَى بَعْضٍ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ وَقَدْ صَحَّ فَضْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَجَاءَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ مَا جَاءَ
وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ الصَّدَقَةُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ تُضَاعَفُ وَقَدْ رَوَى حُصَيْنٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ تُضَاعَفُ فِيهِ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ وَأَنَّهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ
وَفِيهِ الْخَبَرُ عَنْ خَلْقِ آدَمَ وَهُبُوطِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَفِي ذَلِكَ جَوَازُ الْحَدِيثِ عَنْ أُمُورِ ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ وَعَمَّنْ كَانَ قَبْلَنَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَعَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ
وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَرَوْنَ رِوَايَةَ ذَلِكَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمٍ وَلَا فِي دَمٍ وَلَا فَرْجٍ وَلَا مَالٍ وَلَا حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي صَدْرِ كِتَابِ التَّمْهِيدِ
وَفِيهِ أَنَّ آدَمَ تِيبَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ الْمُحْكَمِ أنه (فتلقى ءادم من ربه كلمت فتاب عليه البقرة ٣٧ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ
وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْحَدِيثِ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الْأُمُورِ وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلِمَ الْغَيْبِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَمَّنْ يُوثَقُ بِهِ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَكَانَ الْخَبَرُ مِمَّا لَا يَرُدُّهُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ لِأَنَّ كُلَّ مَا تَرُدُّهُ أُصُولُ شَرِيعَتِنَا فَبَاطِلٌ
وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ إِنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمِ السَّاعَةِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ لِأَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُتَكَرِّرٌ مَعَ أَيَّامِ الدُّنْيَا فَلَيْسَ فِي ذِكْرِهِ مَا يُوجِبُ متى هي