وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ نَهَارًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ
وَصَلَاةُ الْفِطَرِ وَالْأَضْحَى وَالِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَانِ
فَهَذِهِ كُلُّهَا صَلَاةُ النَّهَارِ وَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا وَجَبَ رَدُّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَيْهِ قِيَاسًا وَنَظَرًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَفِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ يَكُونُ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ تَقَدَّمَتْهَا صَلَاةٌ وَلَا تَكُونُ ثَلَاثًا لَا يُفْصَلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ
وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فَأَجَازَ الْوِتْرَ بِرَكْعَةٍ مُنْفَصِلَةٍ مِمَّا قَبْلَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ وَالسَّائِبُ بْنُ خَبَّابٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٌ
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُسَلِّمَ الْمُصَلِّي بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ
وَقَالَ مَالِكٌ مَا شَيْءٌ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ الْوِتْرُ ثَلَاثٌ لَا يُفْصَلُ بَيْنَهُنَّ
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عن بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وِتْرُ صَلَاةِ النَّهَارِ فَاجْعَلُوا آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وِتْرًا
احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمَالِكِيُّونَ وَالْحَنَفِيُّونَ وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ بِهَذَا لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
عَلَى أَنَّ مالكا قد رواه عن نافع عن بن عُمَرَ مَوْقُوفًا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ شَاءَ فَصَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْصِلْ
وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ لَهَا وُجُوهٌ وَدَلَائِلُ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَالِاخْتِيَارُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ