للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُمْ رَجَعُوا إِلَى قَوْلِهِ حِينَ قَالَ لَهُ عُمَرُ كَيْفَ نُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي دَمَهُ وَمَالَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ حَقِّهِ الزَّكَاةُ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ

قال عمر فما هو إ لا أَنْ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْهُ فَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَهُ لِلْحَقِّ

فَقَاتَلَ أَبُو بَكْرٍ وَالصَّحَابَةُ مَعَهُ مَانِعِي الزَّكَاةِ لَمَّا أَبَوْا مِنْ أَدَائِهَا إِذْ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَامْتَنَعُوا عَنِ الزَّكَاةِ فَمَنْ أَبَى مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَامْتَنَعَ مِنْهَا كَانَ أَحْرَى بِالْقَتْلِ

وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الرِّدَّةِ لَمْ يَكْفُرُوا بَعْدَ الْإِيمَانِ وَلَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ وَقَدْ قَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ مَا كَفَرْنَا بَعْدَ إِيمَانِنَا وَلَكِنْ شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا

وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي شِعْرِ شَاعِرِهِمْ حَيْثُ يَقُولُ

(أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَنَا ... فَيَا عَجَبًا مَا بال ملك أبي بكر)

(فإن التي سألوكموا فمنعتموا ... لَكَالتَّمْرِ أَوْ أَشْهَى إِلَيْهِمْ مِنَ التَّمْرِ)

وَأَمَّا تَوْرِيثُ وَرَثَتِهِمْ مِنْهُمْ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ رَدَّ إِلَى هَؤُلَاءِ مَا وَجَدَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَائِمًا بِأَيْدِي النَّاسِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ سَبَاهُمْ كَمَا سَبَى أَهْلَ الرِّدَّةِ

وَقَالَ أَهْلُ السَّيْرِ إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا وَلِيَ أرسل إلى النسوة اللاتي كَانُوا الْمُسْلِمُونَ قَدْ أَحْرَزُوهُمْ مِنْ نِسَاءِ مَانِعِي الزَّكَاةِ فِيمَا أَحْرَزُوا مِنْ غَنَائِمِ أَهْلِ الرِّدَّةِ فَخَيَّرَهُنَّ بَيْنَ أَنْ يَمْكُثْنَ عِنْدَ مَنْ هُنَّ عِنْدَهُ بِتَزْوِيجٍ وَصَدَاقٍ أَوْ يَرْجِعْنَ إِلَى أَهْلِيهِنَّ بِالْفِدَاءِ فَاخْتَرْنَ أَنْ يَمْكُثْنَ عِنْدَ مَنْ هُنَّ عِنْدَهُ بِتَزْوِيجٍ وَصَدَاقٍ

وَكَانَ الصَّدَاقُ الَّذِي جُعِلَ لِمَنِ اخْتَارَ أَهْلَهُ عَشْرَ أَوَاقِيَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>