عُمَرَ لَا فَصْلَ أَفْضَلُ مِنَ السَّلَامِ فَكَيْفَ وَبَعْدَ السَّلَامِ مَشْيٌ وَعَمَلٌ فَكَيْفَ تَنْضَافُ مَعَ ذَلِكَ صَلَاةٌ إِلَى أُخْرَى! !
وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إلى قول بن عُمَرَ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ فِيمَا ذَكَرَتْ عَائِشَةُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي بَيْتِي قَطُّ
وَقَالَتْ أَمُّ سَلَمَةَ رَكَعَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ حِينَ شَغَلَهُ الْوَفْدُ عَنْهُمَا قَبْلَ الْعَصْرِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْآثَارَ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا فَرَأَى بن عُمَرَ إِعَادَةَ الْعَصْرِ لِهَذَا وَلِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ الَّذِي كَانَ يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَنَّهُ عِنْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ الطُّلُوعِ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ وَالْحُجَّةَ لَهُ فِي بَابِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحُجَّةَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي الْمَغْرِبِ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ أَعَادَ صَلَاتَهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ إِذَا وَجَدَهَا وَأَمْكَنَتْهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةُ وَالصَّلَوَاتُ كُلُّهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمِحْجَنٍ الدِّيلِيِّ إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ وَلَمْ يَخُصَّ صَلَاةً مِنْ صَلَاةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عَصْرًا وَلَا مَغْرِبًا وَلَا صُبْحًا
قَالَ وَالْأُولَى هِيَ الْفَرِيضَةُ وَالثَّانِيَةُ تَطَوُّعٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَنَّ الْوِتْرَ وَالْعِيدَيْنِ وَغَيْرَهُمَا
وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ فِي إِعَادَةِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِي جَمَاعَةٍ لِأَنَّهُ يَرَى الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ فَرْضًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ
وَاخْتُلِفَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا مَعَ الْإِمَامِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ
وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ
وَلَا خِلَافَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّ الْأُولَى فَرِيضَةٌ وَالثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يُعِيدُهَا كُلَّهَا إِلَّا الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَسْجِدٍ فَتُقَامَ الصَّلَاةُ فَلَا يَخْرُجَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا
وَحُجَّتُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ونهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ