وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِائْتِمَامَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ إِمَامٍ بِإِمَامِهِ فِي ظَاهِرِ أَفْعَالِهِ الْجَائِزَةِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ
وَقَدْ رَوَى مَعْنُ بْنُ عِيسَى فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ
وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ مَعْنِ بْنِ عِيسَى وَفِيهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي حديث بن شِهَابٍ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَوْلُهُ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ
وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَلَاةِ مَا كَانَتْ نِيَّتُهُ فِيهَا خِلَافَ نِيَّةِ إِمَامِهِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا تُجْزِئُ أَحَدٌ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ وَلَا يُصَلِّي عَصْرًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي ظُهْرًا وَمَتَى اخْتَلَفَتْ نِيَّةُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْفَرِيضَةِ بَطُلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ دُونَ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى فَرْضَهُ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَقَوْلُ أَكْثَرِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ
وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَمَنْ خَالَفَ فِي نِيَّتِهِ فَلَمْ يَأْتَمَّ بِهِ
وَقَالَ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ وَلَا اخْتِلَافَ أَشَدُّ مِنَ اخْتِلَافِ النِّيَّاتِ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ الْأَعْمَالِ
وَاعْتَلُّوا فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ بِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطْوِيلَ مُعَاذٍ بِهِمْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكُنْ فَتَّانًا إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ معي وإما أن تحفف عَلَى قَوْمِكَ
قَالُوا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُ بِقَوْمِهِ كَانَتْ فَرِيضَتَهُ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِصَلَاتِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالُوا وَصَلَاةُ الْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ جَائِزَةٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ