قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قُلْتُ لِأَبِي الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ قَالَ وَأَنَا أَظُنُّ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ أَحَادِيثَ هَذَا الْبَابِ كُلَّهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ لِمَنْ جَعَلَ الْوَقْتَ فِي صَلَاتَيِ اللَّيْلِ وَفِي صَلَاتَيِ النَّهَارِ (فِي الْحَضَرِ) كَهُوَ فِي السَّفَرِ وَأَجَازَ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ كَانَتْ بِأَنْ أَخَّرَ الْأُولَى مِنْ صَلَاتَيِ النَّهَارِ فَصَلَّاهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَصَلَّى الثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَصُنْعُ مِثْلِ ذَلِكَ بِالْعِشَاءِ بَيِّنٌ عَلَى مَا ظَنَّهُ أَبُو الشَّعْثَاءِ وَتَأَوَّلَ الْحَدِيثَ عَلَيْهِ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَمَوْضِعُهُمَا مِنَ الْفِقْهِ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا فَوْقَهُ مَوْضِعٌ
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَدْفُوعٍ إِمْكَانُهُ وَكَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ يُسَمَّى جَمْعًا فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ بَطُلَتِ الشُّبْهَةُ الَّتِي نَزَعَ بِهَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ فِي الْحَضَرِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا لِأَنَّ جِبْرِيلَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَسَنَّ لِلْمُسَافِرِ ذَلِكَ كَمَا سَنَّ لَهُ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ مَعَ الْأَمْنِ تَوْسِعَةً أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِيهَا فَسَنَّهَا لِأُمَّتِهِ فَلَا يُتَعَدَّى بِهَا إِلَى غَيْرِ مَا وَضَعَهَا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَمَّا قول بن عَبَّاسٍ إِذْ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى جَمْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ فَقَالَ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ فَمَعْنَاهُ مَكْشُوفٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا أَيْ لَا يُضَيِّقُ عَلَى أُمَّتِهِ فَتُصَلِّي فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَبَدًا وَفِي وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ أَبَدًا لَا تَتَعَدَّى ذَلِكَ وَلَكِنْ لِتُصَلِّ فِي الْوَقْتِ كَيْفَ شَاءَتْ فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ لِأَنَّ مَا بَيْنَ طَرَفَيِ الْوَقْتِ وَقْتٌ كُلُّهِ وَأَمَّا أَنْ تُقَدَّمَ صَلَاةُ الْحَضَرِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَلَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي جَمْعِ الْمَرِيضِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا خَافَ الْمَرِيضُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَجَمَعَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِنْدَ الْغُرُوبِ
قَالَ فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْجَمْعُ أَرْفَقَ بِهِ لِشِدَّةِ مَرَضٍ أَوْ بَطَنٍ وَلَمْ يَخْشَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute