قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ فَرْضٌ أَبْطَلَ صَلَاةَ مَنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ عَامِدًا أَوْ رَأَى الْإِعَادَةَ عَلَيْهِ وَاجِبَةً رَكْعَتَيْنِ
عَلَى أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ
فَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ قَعَدَ الْمُسَافِرُ فِي اثْنَتَيْنِ لَمْ يُعِدْ
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ إِذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعًا مُتَعَمِّدًا أَعَادَ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لَمْ يُعِدْ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا مُتَعَمِّدًا أَعَادَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ فِي سَفَرِهِ وَكَثُرَ لَمْ يُعِدْ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْمُسَافِرِ يُصَلِّي أَرْبَعًا عَامِدًا بَطُلَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ صَلَّاهَا سَاهِيًا فَإِنْ قَعَدَ فِي اثْنَتَيْنِ فَقَرَأَ التَّشَهُّدَ قُضِيَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُ خَلَطَ الْفَرْضَ عِنْدَهُمْ بِالنَّافِلَةِ إِذَا لَمْ يَقْعُدْ فِي الِاثْنَيْنِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَفَسَدَتْ لِذَلِكَ صَلَاتُهُ عِنْدَهُمْ
وَأَصْلُ الْكُوفِيِّينَ فِي مُرَاعَاةِ الْجُلُوسِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لِأَنَّ الْقُعُودَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمْ فَرْضٌ وَاجِبٌ وَالتَّشَهُّدُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِوَاجِبٍ وَلَا السَّلَامُ لِأَنَّهُمَا مِنَ الذِّكْرِ
وَحُجَّتُهُمْ فيها ذهبوا إليه من ذلك حديث بن مَسْعُودٍ فِي التَّشَهُّدِ لِأَنَّ فِيهِ عَنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ فَإِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ إِذَا سَلَّمْتَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَهُمْ يَقُولُونَ بوجوب الإحرام فرضا فكذلك السلام لأنهما جاء مَجِيئًا وَاحِدًا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ
عَلَى أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ هَذَا مَا يُوجِبُ أَنَّ مَنْ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ تَتِمَّ صَلَاتُهُ
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي التَّشَهُّدِ فِي بَابِ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لله