للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنضحته بماء فقام عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ

فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ إِلَى الطَّعَامِ فِي غَيْرِ الْوَلِيمَةِ وَفِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُسْوَةَ الْحَسَنَةُ

وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَجَالَّةَ وَالْمَرْأَةَ الصَّالِحَةَ إِذَا دَعَتْ إِلَى طَعَامٍ أُجِيبَتْ

قال الله عز وجل (والقوعد من النساء التي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) النُّورِ ٦٠

وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَلَّا يَلْبَسَ ثَوْبًا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا لِكَلَامِهِ بِسَاطٌ يَعْلَمُ بِهِ مَخْرَجَ يَمِينِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمَا يَنْوِي وَيَبْسُطُ مِنَ الثِّيَابِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى لِبَاسًا

أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ

وَأَمَّا نَضْحُ الْحَصِيرِ فَإِنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِيَلِينَ الْحَصِيرُ لَا لِنَجَاسَةٍ فِيهِ

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّ النَّضْحَ طِهَارَةٌ لِمَا شَكَّ فِيهِ لِتَطْيِيبِ النَّفْسِ عَلَيْهِ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ فِي قَوْلِهِ أَغْسِلُ مَا رَأَيْتُ وَأَنْضَحُ مَا لَمْ أَرَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي أَقُولُ بِهِ أَنَّ ثَوْبَ الْمُسْلِمِ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بالنجاسة وأن النضح فيما قد يحبس لَا يَزِيدُهُ إِلَّا شَرًّا وَقَدْ يُسَمَّى الْغَسْلُ نَضْحًا

وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِالشَّاهِدِ عَلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

إِلَّا أَنَّ مَنْ قَصَدَ بِالنَّضْحِ الَّذِي هُوَ الرَّشُّ إِلَى قَطْعِ الْوَسْوَسَةِ وَحَزَازَةِ النَّفْسِ فِيمَا يُشَكُّ فِيهِ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ وَاتِّبَاعًا لِلْأَصْلِ فِي الثوب أنه على الطهارة محمول حتى نضح النَّجَاسَةُ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي النَّفْسِ فِيمَا شَكَّ فِيهِ اتِّبَاعًا شَيْءٌ مِنَ الشَّكِّ يَقْطَعُ بِالرَّشِّ عَلَى مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ فَهُوَ احْتِيَاطٌ غَيْرُ مُضِرٍّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَأَمَّا النضح بِالْخَاءِ الْمَنْقُوطَةِ فَالْكَثِيرُ الْمُنْهَمِرُ

يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ) الرَّحْمَنِ ٦٦

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى الْكُوفِيِّينَ الْقَائِلِينَ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَأَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا

<<  <  ج: ص:  >  >>