وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ فَقَالَ ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ
وَقَالَ لَهُ آخَرُ يَا سَيِّدُ بن السادة أو يا شريف بن الشُّرَفَاءِ فَقَالَ ذَاكَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
وَذَلِكَ قَوْلُهُ كُلُّهُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْهِ سُورَةُ (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ) الْفَتْحِ ١ فَلَمَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَفِيهَا (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) الْفَتْحِ ٢ وَلَمْ يُغْفَرْ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ قَالَ حِينَئِذٍ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ
وَحِينَئِذٍ قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي
فَكَانَتْ فَضَائِلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ
وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ أَنَّ أَرَى هُنَا بِمَعْنَى أَعْلَمُ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ حَاكِيًا عَنْ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ أَعْمَى (إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ) هُودٍ ٨٤
وَأَرَى بِمَعْنَى أَعْلَمُ مَعْلُومٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ أَرَاكُمْ أَعْلَمُ خُشُوعَكُمْ وَتَمَامَ رُكُوعِكُمْ بِمَا يَخْفَى عَنْكُمْ وَيُلْقِي اللَّهُ فِي قَلْبِي مَعْرِفَةَ أَحْوَالِكُمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ دَعْوَى فِيهَا تَحْدِيدٌ لِمُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ وَغَيْرُ نَكِيرٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ كَسَائِرِ مَا أُعْطِيهِ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ وَأَعْلَامِ النُّبُوَّةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ فَيَكُونُ قَوْلُنَا عَلَى ظَاهِرِ مَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ لَا سَبِيلَ إِلَى كَيْفِيَّتِهِ وَهُوَ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي فَقَالَ كَانَ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ كَمَا يَرَى مَنْ بَيْنَ يَدَيْهِ
قُلْتُ لَهُ إِنَّ إِنْسَانًا هُوَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَرَاهُمْ كَمَا يَنْظُرُ الْإِمَامُ مِنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ! فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إِنْكَارًا شَدِيدًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَصَحِيحُ قَوْلِ أَحْمَدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ
وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ دَاوُدَ وحميد وبن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وتقلبك في السجدين) الشُّعَرَاءِ ٢١٩ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا يَرَى مَنْ بين يديه