للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْمَعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ فِي الصلاة لا يقطعها

وذكر بن الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي وَبِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ يَعْنِي مِنَ الْبُكَاءِ

وَالْبُكَاءُ الَّذِي لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ مَا كَانَ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَلَبَهُ حُزْنٌ لَا يَمْلِكُهُ ضَعْفًا أَوْ عَبَثًا وَلَا فُهِمَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ حُرُوفِ الْكَلَامِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ فَإِنَّهُ أَرَادَ النِّسَاءَ وَأَنَّهُنَّ يَسْعَيْنَ أَبَدًا إِلَى صَرْفِ الْحَقِّ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَأَنَّهُنَّ لَمْ يَزَلْنَ فِتْنَةً يَدْعُونَ إِلَى الْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنِ الْحَقِّ فِي الْأَغْلَبِ

وَقَدْ رُوِيَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي النِّسَاءِ هُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ وَدَاوُدَ وَجُرَيْجٍ

وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّسَاءِ إِنَّ مِنْهُنَّ مَائِلَاتٌ عَنِ الْحَقِّ مُمِيلَاتٌ لِأَزْوَاجِهِنَّ

وَقَالَ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ

وَخَرَجَ كَلَامُهُ هَذَا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جِهَةِ الْغَضَبِ عَلَى أَزْوَاجِهِ وَهُنَّ فَاضِلَاتٌ وَأَرَادَ جِنْسَ النِّسَاءِ غَيْرَهُنَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ حَفْصَةَ لِعَائِشَةَ مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا قَطُّ مَا يَدُلُّ عَلَى ضِيقِ صُدُورِ بَنِي آدَمَ بِمَا يُؤْذِيهِمْ وَأَنَّ الْمُكْتَرِثَ رُبَّمَا قَالَ قَوْلًا عَامًّا يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ الْحَرَجُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَعْدَمُ مِنْ عَائِشَةَ خَيْرًا وَأَنَّهَا تُصِيبُ مِنْهَا الْخَيْرَ لَا الشَّرَّ

وَإِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا فِي السَّلَفِ الصَّالِحِ فَمَنْ دُونِهِمْ أَحْرَى أَنْ يُعْذَرَ فِي مَثَلِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>