للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي

وَقَدِ احْتَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ فِي قَوْلِ الزِّنْدِيقِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجل (لئن لم ينته المنفقون وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لنغرينك بهم ثم لا يجارونك فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا) الْأَحْزَابِ ٦٠ ٦١ يَقُولُ إِنَّ الشَّأْنَ فِيهِمْ أَنْ يُقْتَلُوا حَيْثُ وُجِدُوا وَلَمْ يَذْكُرِ اسْتِتَابَةً فَمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْمُنَافِقُونَ فِي عُمُرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتل والله أعلم

وبن الْقَاسِمِ يُوَرِّثُ وَرَثَةَ الزِّنْدِيقِ مِنْهُ وَهُمْ مُسْلِمُونَ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ

وَالْحُجَّةُ لَهُ أَنَّ الزِّنْدِيقَ مُظْهِرٌ لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُسِرُّ الْكُفْرَ لَا تُوجِبُ الْقَطْعَ عَلَى عِلْمِ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَالَ كُلِّ مَيِّتٍ أَوْ مَقْتُولٍ لِوَرَثَتِهِ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ أَنَّهُمْ عَلَى دِينٍ سِوَى دِينِهِ وَرَاعَى فِي ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ فِي اسْتِتَابَتِهِ

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوِ اسْتُتِيبَ لَثَبَتَ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَلِهَذَا كُلِّهِ لَمْ يَرَ نَقْلَ الْمَالِ عَنْ ورثته

وأما بن نَافِعٍ فَجَعَلَ مِيرَاثَهُ فَيْئًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَكِلَاهُمَا يروي ذلك عن مالك

ووجه رواية بن نافع أنه لم يقتل أحدا وَلَا لِمُحَارَبَتِهِ وَإِنَّمَا قُتِلَ لِلْكُفْرِ وَالدَّمُ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الْمَالِ وَالْمَالُ تَبَعٌ لَهُ يَفِيضُ عَلَى أَصْلِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي الزِّنْدِيقِ فَقَالَا مَرَّةً يُسْتَتَابُ وَمَرَّةً لَا يُسْتَتَابُ وَيُقْتَلُ دُونَ اسْتِتَابَةٍ

وَقَدْ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اقْتُلُوا الزِّنْدِيقَ فَإِنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُعْرَفُ وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُسْتَتَابُ الزِّنْدِيقُ كَمَا يستتاب المرتد طاهرا فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ

قَالَ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالرِّدَّةِ فَأَنْكَرَ قُتِلَ فَإِنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكْشِفْ عَنْ غَيْرِهِ

وَاحْتَجَّ بِقِصَّةِ الْمُنَافِقِينَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلْهُمْ بِشَهَادَةٍ وَلَا بِعِلْمِهِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الشَّهَادَةَ تَعْصِمُ الدَّمَ وَالْمَالَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>