وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حُسْنِ الْخُلُقِ وَجَمِيلِ الْأَدَبِ فِي إِجَابَتِهِ كُلَّ مَنْ دَعَاهُ إِلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَثِمًا
٣٨٧ - وَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الباب عن بن شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى
فَإِنَّنِي أَظُنُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِإِدْخَالِ مَالِكٍ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُوَطَّئِهِ مَا بِأَيْدِي الْعُلَمَاءِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ مثل هذا المعنى
وذلك أن الليث به سعد وبن جُرَيْجٍ وَحَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ رَوَوْا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَيَسْتَلْقِيَ
فَيُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَالِكًا بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثَ وكان عنده عن بن شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ خِلَافَ ذَلِكَ يُحَدِّثُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الرَّفْعِ وَالْمُعَارَضَةِ
٣٨٨ - ثُمَّ أردفه في موطئه بما رواه عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ
وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ نَهْيَهُ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ بِفِعْلِهِ
وَاسْتَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ بِعَمَلِ الْخَلِيفَتَيْنِ بَعْدَهُ وَهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِمَا ذَلِكَ النَّسْخُ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَنْسُوخِ فِي سَائِرِ سُنَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute