قَالَ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ عَلَيْهِ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ (فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) الْحَدِيثَ
الْقَافِيَةُ مُؤَخَّرُ الرَّأْسِ وَهُوَ الْقَذَالُ وَقَافِيَةُ كُلِّ شَيْءٍ آخِرُهُ وَمِنْهُ قِيلَ فِي أَسْمَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَفَّى لِأَنَّهُ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَمِنْهَا أُخِذَتْ قَوَافِي الشِّعْرِ لِأَنَّهَا أَوَاخِرُ الْأَبْيَاتِ
وَأَمَّا عَقْدُ الشَّيْطَانِ على قافية رأس بن آدَمَ إِذَا رَقَدَ فَلَا يُوصَلُ إِلَى كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ وَأَظُنُّهُ
كِنَايَةً عَنْ جِنْسِ الشَّيْطَانِ وَتَثْبِيطِهِ لِلْإِنْسَانِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَعَمَلِ الْبِرِّ
وَقِيلَ إِنَّهَا كَعُقَدِ السِّحْرِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (النفثت فِي الْعُقَدِ) الْفَلَقِ ٤
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى يُطْرَدُ بِهِ الشَّيْطَانُ بِالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَالْأَذَانُ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ
وَيُرْوَى فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ كَاللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا وَيُرْوَى عُقْدَةٌ
وَرِوَايَةُ يَحْيَى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدَةِ
وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ مُعَارِضَةٌ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلْيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي
وَلَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ مِنَ الْمُعَارَضَةِ وَإِنَّمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ كَرَاهِيَةٌ لِإِضَافَةِ الْمَرْءِ إِلَى نَفْسِهِ لَفْظَةَ الْخُبْثِ
كَمَا رُوِيَ عَنْهُ إِذْ سُئِلَ عَنِ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ وَكَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ وَقَالَ لِيَنْسُكْ أَحَدُكُمْ عَنِ ابْنِهِ