وروى بن الْقَاسِمِ عَنْهُ قَالَ لَا أَرَى أَنْ تُصَلَّى الْكُسُوفُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَإِنَّمَا سُنَّتُهَا أَنْ تُصَلَّى ضَحًى إِلَى الزَّوَالِ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ تُصَلَّى الْكُسُوفُ نِصْفَ النَّهَارِ لِأَنَّ نِصْفَ النَّهَارِ لَا يَكَادُ يَثْبُتُ لِسُرْعَةِ الشَّمْسِ
قَالَ اللَّيْثُ حَجَجْتُ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ وَعَلَى الْمَوْسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ وَبِمَكَّةَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رباح وبن أبي مليكة وبن شِهَابٍ وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَقَتَادَةُ وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ فَكَسَفَتِ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَامُوا قِيَامًا يَدْعُونَ اللَّهَ فِي الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ لِأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى مَا لَهُمْ لَا يُصَلُّونَ فَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُسُوفِ فَقَالَ النَّهْيُ جَاءَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلِذَلِكَ لَا يُصَلُّونَ وَالنَّهْيُ يَقْطَعُ الْأَمْرَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالطَّبَرِيُّ لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْكُسُوفِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُصَلَّى صَلَاةُ الْكُسُوفِ فِي كُلِّ وَقْتٍ نِصْفَ النَّهَارِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ
وَحُجَّتُهُمَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ إِلَّا عَنِ النَّافِلَةِ الْمُبْتَدَأَةِ لَا عَنِ الْمَكْتُوبَاتِ وَلَا عَنِ الصَّلَوَاتِ الْمَسْنُونَاتِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى وَاضِحًا فِي بَابِ الْأَوْقَاتِ
وَقَالَ إِسْحَاقُ تُصَلَّى صَلَاةُ الْكُسُوفِ فِي كُلِّ وَقْتٍ إِلَّا فِي حِينِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا
وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ إِنْ شَاءَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ كُلُّ ذَلِكَ مُؤْتَلَفٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَزِيدُ فِي الرُّكُوعِ إِذَا لَمْ يَرَ الشَّمْسَ قَدْ تَجَلَّتْ فَإِذَا تَجَلَّتْ سَجَدَ
قَالَ وَلَا يُزَادُ عَلَى هَذِهِ الرَّكَعَاتِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الْقَمَرِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُجْمَعُ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الْقَمَرِ وَلَكِنْ يُصَلِّي النَّاسُ أَفْرَادًا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ
وَالْحُجَّةُ لَهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَخَصَّ صَلَاةَ