للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي التَّمْهِيدِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ قَالُوا لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِكُفْرِهِنَّ قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ وَيَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ

فَهَكَذَا رِوَايَةُ يَحْيَى وَيَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ بِالْوَاوِ والمحفوظ فيه عن مالك من رواية بن القاسم والقعنبي وبن وَهْبٍ وَعَامَّةِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ بِغَيْرِ وَاوٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الرِّوَايَةِ وَالظَّاهِرُ مِنَ الْمَعْنَى

وَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى فَالْوَجْهُ فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ لِمَا قَالَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ لَمْ يُجِبْهُ عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ جَوَابًا مَكْشُوفًا لِإِحَاطَةِ الْعِلْمِ أَنَّ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ كَمَا مِنَ الرِّجَالِ مَنْ يَكْفُرُ بِاللَّهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَمَعَ إِيمَانِهِنَّ بِاللَّهِ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَالْإِحْسَانَ وَلَمْ يُجَاوِبْهُ عَنْ كُفْرِهِنَّ بِاللَّهِ لِأَنَّهُ قَصَدَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ

أَلَّا تَرَى قَوْلَهُ لِلنِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ فَالْعَشِيرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ الزَّوْجُ

وَالْمَعْنَى عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ كُفْرُ النِّسَاءِ لِحُسْنِ مُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ كُفْرَهُنَّ بِالْإِحْسَانِ جُمْلَةً فِي الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ

وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْخَلِيطُ مِنَ الْمُعَاشَرَةِ وَالْمُخَالَطَةِ

وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) الْحَجِّ ١٣

قَالَ الشَّاعِرُ

(فَتِلْكَ الَّتِي لَمْ يشكها في خليفة ... عَشِيرٌ وَهَلْ يَشْكُو الْكَرِيمَ عَشِيرُ) وَقَالَ آخَرُ

(سَلَا هَلْ قَلَانِي مِنْ عَشِيرٍ صَحِبْتُهُ ... وَهَلْ ذَمَّ رَحْلِي فِي الرِّفَاقِ دَخِيلُ) وَقَدْ ذَكَرْنَا في التمهيد من طرق قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَعْرِفُ حَقَّ زَوْجِهَا وَلَا شُكْرَهُ وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>