وأما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاكِيًا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَمَعْنَاهُ عِنْدِي عَلَى وَجْهَيْنِ
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْقَائِلَ مُطِرْنَا بِنَوْءٍ كَذَا أَيْ بِسُقُوطِ نَجْمِ كَذَا أَوْ بِطُلُوعِ نَجْمِ كَذَا إِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ النَّوْءَ هُوَ الْمُنْزِلُ لِلْمَطَرِ وَالْخَالِقُ لَهُ وَالْمُنْشِئُ لِلسَّحَابِ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَهَذَا كَافِرٌ كُفْرًا صَرِيحًا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا اسْتُتِيبَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى ذَلِكَ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَإِلَّا قُتِلَ إِلَى النَّارِ
وَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ النَّوْءَ عَلَّامَةً لِلْمَطَرِ وَوَقْتًا له وسببا من أسبابه كما تحيى بالأرض الماء بَعْدَ مَوْتِهَا وَيَنْبُتُ بِهِ الزَّرْعُ وَيَفْعَلُ بِهِ ما يشاء من خليفته فَهَذَا مُؤْمِنٌ لَا كَافِرٌ وَيَلْزَمُهُ مَعَ هَذَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ نُزُولَ الْمَاءِ لِحِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحِمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا بِغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَرَّةً يُنْزِلُهُ بِالنَّوْءِ وَمَرَّةً بِغَيْرِ نَوْءٍ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
وَالَّذِي أُحِبُّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ
مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَيَتْلُو الْآيَةَ إن شاء
روى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) الْوَاقِعَةِ ٨٢ قَالَ ذَلِكَ فِي الْأَنْوَاءِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ لِلْقُرْآنِ
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ يَقُولُ مُطِرْنَا بِبَعْضِ عَثَانِينِ الْأَسَدِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَبْتَ بَلْ هُوَ سُقْيَا اللَّهِ عز وجل ورزقه
قَالَ سُفْيَانُ عَثَانِينُ الْأَسَدِ الذِّرَاعُ وَالْجَبْهَةُ
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ طَلَعَ سُهَيْلٌ وَبَرَدَ اللَّيْلُ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّ سُهَيْلًا لَمْ يَكُنْ قَطُّ بِحَرٍّ وَلَا برد
وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلْغَيْمِ وَالسَّحَابَةِ مَا أَخْلَفَهَا لِلْمَطَرِ
وَهَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مَعَ رِوَايَتَيِهِ إِذَا أَنْشَأَتْ بَحَرِيَّةٌ يَدُلُّ عَلَى أن القوم