السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ لِأَنَّ أَبَا أَيُّوبَ سَمِعَ النَّهْيَ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَاسْتَعْمَلَ ذَلِكَ مُطْلَقًا عَامًّا فِي الْبُيُوتِ وَغَيْرِهَا إِذْ لَمْ يَحْضُرْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ
ألا ترى أن رواية بن شِهَابٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا
قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى
وَهَذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ بَلَغَهُ شَيْءٌ أن يسعمله عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يَثْبُتُ عِنْدَهُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ أَوْ يَنْسَخُهُ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ لَا يَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ فِي الصَّحَارِي وَلَا فِي الْبُيُوتِ وَلَا فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ
وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ
وَقَالُوا أَبُو أَيُّوبَ أَعْلَمُ بِمَا رَوَى وَقَدْ رَوَاهُ معه جماعة من الصحابة منهم بن مَسْعُودٍ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَسَلْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيُّ كُلُّهُمْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ
وَرَدَّ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدِيثَ جَابِرٍ وَحَدِيثَ عَائِشَةَ الْوَارِدَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرُّخْصَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَسَنَذْكُرُهُمَا فِيهِ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَقَالَ مالك والشافعي وأصحابهما وهو قول بن المبارك وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ أَمَّا فِي الصَّحَارِي فَلَا يَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا اسْتِدْبَارِهَا لِلْغَائِطِ وَلَا الْبَوْلِ وَأَمَّا فِي الْبُيُوتِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ لحديث بن عُمَرَ لَقَدِ ارْتَقَيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute