للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّمْهِيدِ

قَالُوا فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ نَهْيَهُ فِي ذَلِكَ مَنْسُوخٌ وَأَقَلُّ أَحْوَالِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ أَنْ تَتَعَارَضَ فَتَسْقُطَ وَأَصْلُ الْأُمُورِ الْإِبَاحَةُ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَظْرُ بِمَا لَا مُعَارِضَ لَهُ

هَذَا مَا نَزَعَ بِهِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ دَاوُدَ وَلَيْسَ حَدِيثُ جَابِرٍ الَّذِي عَوَّلُوا عَلَيْهِ فِي النَّسْخِ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَلَا مِمَّا يُعْتَمَدُ عَلَى مِثْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَكَانَ مُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُونَ أَنْ تُسْتَدْبَرَ إِحْدَى الْقِبْلَتَيْنِ أَوْ تُسْتَقْبَلَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ الْكَعْبَةُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ

وَهَؤُلَاءِ غَابَ عَنْهُمْ وَخَفِيَ عَلَيْهِمْ مَا عَلِمَهُ غَيْرُهُمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ إِنَّمَا عَنَى بِهِ الصَّحَارِي وَالْفَضَاءَ وَالْفَيَافِي دُونَ كُنُفِ الْبُيُوتِ

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ اسْتَقْبِلُوا بِمَقْعَدٍ الْقِبْلَةَ وَالْمَقْعَدُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْبُيُوتِ

وَمِثْلُ هذا حديث بن عُمَرَ كَانَ مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ رَآهُ عَلَى سَطْحٍ أَشْرَفَ عَلَيْهِ مِنْهُ فَرَآهُ عَلَى لَبِنَتَيْنِ يَقْضِي حَاجَتَهُ إِلَى نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ

وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مُتَبَرَّزَ الْقَوْمِ إِنَّمَا كَانَ أَكْثَرُهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَخَارِجًا مِنَ الْبُيُوتِ

أَلَا تَرَى أَنَّ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ (رَحِمَهَا اللَّهُ) وَكَانَتْ بُيُوتُنَا لَا مَرَاحِيضَ لَهَا وَإِنَّمَا أَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ تَعْنِي الْبُعْدَ فِي الْبِرَازِ

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّمَا وَقَعَ النَّهْيُ عَنِ الصَّحَارِي لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي فِي الصَّحَارِي

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذِهِ الْكَرَابِيسِ فَهِيَ الْمَرَاحِيضُ وَاحِدُهَا كِرْبَاسٌ مِثْلَ سِرْبَالٌ وَسَرَابِيلٌ

وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْكَرَابِيسَ مَرَاحِيضُ الْعَرَبِ وَأَمَّا مَرَاحِيضُ الْبُيُوتِ فَإِنَّمَا يُقَالُ لَهَا الْكُنُفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>