للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا التَّأْوِيلُ عَلَى بُعْدِهِ وَمُخَالَفَةِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَهُ فِيهِ لَا حَظَّ لَهُ فِي اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ فِي اللِّسَانِ إِلَّا بِقَرِينَةٍ وَبَيَانٍ وَلَا بَيَانَ وَلَا دَلِيلَ لمن تأول تأويل بن نَافِعٍ يَشْهَدُ لَهُ

وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُونَ إِذَا قُلْتَ الْيَمَنُ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْبِلَادِ بِأَلْفِ دَرَجَةٍ إِلَّا الْعِرَاقَ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْعِرَاقُ مُسَاوِيًا لِلْيَمَنِ وَفَاضِلًا وَمَفْضُولًا فَإِذَا كَانَ مُسَاوِيًا فَقَدْ عُلِمَ مِقْدَارُ فَضْلِهِ وَإِذَا كَانَ فَاضِلًا أَوْ مَفْضُولًا فَمُطْلَقٌ فِي الْفَضْلِ لَا يُعْلَمُ كَمْ مِقْدَارُ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِقَرِينَةٍ وَدَلِيلٍ عَلَى عِدَّةِ دَرَجَاتٍ فَإِنْ أَيَّدَهُ عَلَى تِلْكَ أَوْ نَاقَضَهُ عَنْهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى الْإِتْيَانِ بِهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يحمل بن نَافِعٍ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا إِلَّا مَا كَانَ يَذْهَبُ إِلَيْهِ هُوَ وَشَيْخُهُ مَالِكٌ مِنْ تَفْضِيلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَكَّةَ وَتَفْضِيلِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

وَتَفْضِيلُ الْمَدِينَةِ عَلَى مَكَّةَ أَوْ مَكَّةَ عَلَى الْمَدِينَةِ مَسْأَلَةٌ قَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ

وَذَكَرَ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ قَالَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَفْضِيلِ مَكَّةَ عَلَى الْمَدِينَةِ

فَقَالَ مَالِكٌ وَكَثِيرٌ مِنَ الْمَدَنِيِّينَ الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَكَّةُ خَيْرُ الْبِقَاعِ

وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْمَكِّيِّينَ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ أَجْمَعِينَ

قَالَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فِي ذَلِكَ فَطَائِفَةٌ قَالُوا مَكَّةُ وَطَائِفَةٌ قَالُوا الْمَدِينَةُ

وَقَالَ عَامَّةُ أَهْلِ الْأَثَرِ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِائَةِ صَلَاةٍ وَمِنَ الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ وَالصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ

قَدْ أَوْضَحْنَا الْمَعْنَى فِي تَأْوِيلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ وَذَكَرْنَا مَا نَزَعَتْ إِلَيْهِ الْفِرَقُ مِنَ الْآثَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِذْ لَا مَدْخَلَ فِيهَا لِلنَّظَرِ إِنَّمَا تُعْرَفُ الْفَضَائِلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِالتَّوْقِيفِ لَا بِالِاسْتِنْبَاطِ وَالِاجْتِهَادِ وَأَتَيْنَا بِمَا رَوَيْنَا فِي ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَأَحْسَنُ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>