للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا لَا يَدْخُلُ هَذَا الْحَدِيثُ فِي تَفْضِيلِ الْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا وَرَدَ تَزْهِيدًا فِي الدُّنْيَا وَتَرْغِيبًا فِي الْآخِرَةِ وَإِعْلَامًا بِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَوْضِعَ رُبُعِ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَالَّذِي فِيهَا

وَالَّذِي أَقُولُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْبِقَاعَ أَرْضُ اللَّهِ وَخَلْقُهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَضَّلَ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بِتَوْقِيفِ مَنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ بِنَقْلٍ لَا مُدْفَعَ فِيهِ وَلَا تَأْوِيلَ

وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ وَيَقْطَعُ الْخِلَافَ فِيهَا

وَذَلِكَ مَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُسَافِرٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَصَالِحُ بْنُ كيسان كلهم عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَيَّ وَلَوْلَا أَنْ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوَهِمَ فِيهِ إِذْ جَعَلَهُ لِأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُ بن شِهَابٍ فَجَعَلُوا الْحَدِيثَ لِأَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ

وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الحديث لأبي سلمة عن أبي هريرة وبن عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ مَعًا

قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ شَيْءٌ يُعَارِضُهُ

وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنُ زَبَالَةَ وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ مُجْمَعٌ عَلَى تَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ وَقَدِ انْفَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي مِنْ أَحَبِّ الْبِقَاعِ إِلَيَّ فَسَكِّنِي أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَيْكَ

وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي نكارته ووضعه

وقد ذكر بن وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ آدَمَ لَمَّا أُهْبِطَ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>