للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أظهرتم الكفر بعد إظهاركم الإيمان فهم لم يظهروا ذلك إلاَّ لخواصهم، وهم مع خوضهم ما زالوا هكذا، بل لمَّا نافقوا وحذروا أن تنزل عليهم سورة تبيِّن ما في قلوبهم من النفاق وتكلموا بالاستهزاء، أي: صاروا كافرين بعد إيمانهم.

ولا يدل اللفظ على أنهم ما زالوا منافقين إلى أن قال: قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التوبة: ٦٥]، ولهذا قيل: {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً} [التوبة: ٦٦]، فدل على أنهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفرًا، بل ظنوا أن ذلك ليس بكفر.

فتبين أن الاستهزاء بآيات الله ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه، فدل على أنه كان عندهم إيمان ضعيف، ففعلوا هذا المحرم الذي عرفوا أنه محرم، ولكن لم يظنوه كفرًا، وكان كفرًا كفروا به، فإنهم لم يعتقدوا جوازه.

وفي الآية دليل على أن الرجل إذا فعل الكفر ولم يعلم أنه كفر لا يعذر بذلك، بل يكفر، وعلى أن الشاك كافر بطريق الأولى نبه عليه شيخ الإسلام» (١).

* * *


(١) «تيسير العزيز الحميد»: (٤١٩ - ٤٢٠).

<<  <   >  >>