العذر بالخطأ في الشرك الأكبر، يلزم منه عدم تكفير طوائف من الكفار والزنادقة، قد أجمعت الأمة على كفرها، وكفر من شكِّ في كفرها، مع بيان أن الحكم بإسلام المشركين الجاهلين ليس عليه دليل إلا مجرد الدعوى المجردة
لقد ظن فريق من المنافحين، عن المشركين وإسلامهم المزيف: أن رخصة الخطأ، تدرأ حكم الكفر عمَّن وقع في الشرك جاهلاً، ولم يدر هؤلاء أن لازم هذا الأمر، الهوي في مستنقع عدم تكفير طوائف من الكفار والزنادقة، قد أجمعت الأمة على كفرها، وكفر من شك في كفرها، ولو لم يلتزموه تعذر عليهم أن يقيموا فرقًا بين ما التزموه، وما لم يلتزموه.
إذا تمهَّد هذا فنقول: إن رخصة الخطأ لهذه الأمة خاصة بمن كان مؤمنًا موحدًا، تاركًا للشرك على علم وبصيرة، ومن ثمَّ يكون قد حقق وصف الانتساب للقبلة، وحق له التمتع برخص أهلها، من عدم مؤاخذة الجاهل، والمتأوِّل، والمخطئ ...
وتارة يدور هذا الفريق من المنافحين دورة أخرى، ويقرروا مقصودهم عن طريق عبارات أئمة الهدى وأعلام الملة التي نصوا فيها: على منع تكفير المسلمين، وإن وقعوا في البدع المغلظة حتى تقوم عليهم الحجة.
ولقد نسي هؤلاء القوم، أو تناسوا فيما بينهم: أن عبارات هؤلاء الأئمة قد أخرجت عباد القبور من عداد المسلمين، وعليه فالاستدلال باطل قبل التدليل به، على محل النزاع.
فلم يبق لهم بعد ذلك إلاَّ مجرد الدعوى: إن عبَّاد القبور مسلمون لأن عبَّاد القبور مسلمون.